أثار المؤتمر الرابع للمانحين، الذي اختتم في لندن الخميس الماضي، تساؤلات لدى السوريين بشأن حرمان الائتلاف والحكومة المؤقتة، ممثلا المعارضة السورية، من تسلم أي من المساعدات التي تعهد المانحون بها والتي تتجاوز 9.8 مليارات دولار، حيث يُتخوف من استحواذ نظام بشار الأسد على الجزء الأكبر من هذه المساعدات وبيعها في الأسواق المحلية لدعم خزانته.
وذكر الناشط الإغاثي أبو محمود القابوني من دمشق، أن استفادة النظام السوري من المساعدات الدولية تتجلي في مد مناطق النظام بالمعونات وتأهيل المرافق، فضلا عن طرح كميات هائلة من المساعدات السلعية كالغذاء والدواء في السوق الموازية لصالح وزارة الاقتصاد ورجال أعمال تابعين للنظام، في حين تعاني المناطق المحررة حرمانا من تلك السلع.
وقال القابوني لـ”العربي الجديد”: “جزء من المواد الإغاثية يُباع في أسواق دمشق وفي مؤسسات حكومية أيضاً. أتحدى النظام السوري أن يقول عكس ذلك، فالسكر والأرز والمعكرونة والسمن والزيت تباع حتى في صالات التجزئة التابعة لوزارة الاقتصاد، بعد نزع الملصقات الخاصة بالمساعدات”.
وأضاف أنه قلما تصل مساعدات إلى مناطق الغوطة وداريا والمعضمية ومضايا أو للشمال المحرر، إلا وفق القرار الأممي الذي سمح بإدخال بعض الأغذية والمواد الطبية عبر تركيا بدون موافقة نظام الأسد.
وفي حين لم تُدع المعارضة السورية للمؤتمر، لم يتم تسليم الائتلاف والحكومة أي مبلغ خلال المؤتمرات السابقة، ولن يتم تسليمها أيا من المبالغ الحالية، رغم زيادة التبرعات عن السقف الذي حددته لندن، بحسب ما أكد نادر عثمان، نائب رئيس الحكومة المؤقتة المعارضة.
وقال عثمان لـ”العربي الجديد”: إن المبالغ المخصصة للداخل السوري يتم تسليمها لمنظمات إنسانية تقع تحت سيطرة النظام، ما يعني تحكم الأسد في شراء المساعدات وتوزيعها في مناطق سيطرته، مشيرا إلى أن ثمة معلومات حول وصول بعض تلك المساعدات إلى الجيش والمليشيات.
وذكر عثمان أن المعارضة السورية لا تنكر حقوق دول جوار سورية في حصتها من المساعدات الدولية، لأنها تستضيف اللاجئين وتتحمل أعباء مالية كبيرة، لكن ذلك لا يعفي المانحين من عدم تخصيص مبالغ للداخل السوري المحرر، يوزع ولو عبر مؤسسات دولية، ولكن بعلم الحكومة المؤقتة وبناء على ما تقدمه من بيانات ومعلومات موثقة عن الوضع الإنساني والمعيشي والصحي.
ويرى محللون أن حكومة بشار الأسد استفادت، ولو على نحو غير مباشر، من مليارات المانحين عبر المؤتمرات الثلاثة السابقة التي استضافتها الكويت، حيث جُمع في المؤتمر الأول عام 2013، مليار ونصف المليار دولار، وفي المؤتمر الثاني عام 2014، جُمع نحو 2.4 مليار دولار، وفي مؤتمر العام الماضي جُمع 3.8 مليارات دولار.
وتركز الدول المانحة، خلال المؤتمرات السابقة، ومؤتمر لندن الذي اختتم أخيراً، على إيلاء الأهمية للتأهيل وتأمين فرص عمل للسوريين ببلدان لجوئهم، في حين قلما تولي المناطق السورية ومن فيها اهتماما صحيا أو إغاثيا، عدا المواد الإغاثية والطبية التي يتم استيرادها من المنظمات الدولية، وتوزع معظمها تحت إشراف نظام بشار الأسد.
ووصل إجمالي ما استوردته 13 منظمة دولية من مساعدات إنسانية وغذائية إلى سورية إلى نحو مليار دولار خلال عامي 2014 -2015، توزعت 660 مليون دولار خلال عام 2014، وأكثر من 400 مليون دولار حتى نهاية 2015.
وقال تقرير وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية السورية، إن المنظمات الدولية التي استوردت لسورية خلال العامين الماضيين، هي برنامج الأغذية العالمي، المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، منظمة الهلال الأحمر، منظمة الأمم المتحدة للطفولة، منظمة الصحة العالمية، الأونروا، صندوق الأمم المتحدة للسكان، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، المنظمة الدولية للهجرة، منظمة الفاو، وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
ومؤخرا، اتهم وزير الاقتصاد السوري، همام الجزائري، المنظمات الإغاثية التي تستورد المواد اللازمة للسوريين، بالتسبب في حالة إغراق تهدد المنتج المحلي السوري. وقال المحلل الاقتصادي حسين جميل لـ”العربي الجديد”: “هل يوجد فائض إنتاج غذائي في سورية، بعد شلل أكثر من 80% من الصناعة، حتى يطالب الوزير المنظمات الدولية بشراء الغذاء من السوق السورية”.
العربي الجديد