وجهت محكمة دولية في لاهاي تهما للإعلامية كرمى الخياط وقناة الجديد بإهانة المحكمة وعرقلة سير العدالة، لعدم التزامهما بالتعليمات وتعريض شهود للخطر في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.
مثلت الإعلامية اللبنانية كرمى الخياط أمام محكمة في لاهاي، أمس الخميس، بتهمة تحقير المحكمة وعرقلة سير العدالة لنشر معلومات عن 11 شاهدا مفترضا في سلسلة برامج بثت بين السادس والعاشر من أغسطس 2012، في تحقيق يتعلق باغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري.
وتواجه الخياط مع قناة الجديد التي تشغل منصب نائبة مديرة الأخبار بها، اتهامات المحكمة الدولية التي تدعمها الأمم المتحدة، في الوقت الذي تثير فيه القضية موجة واسعة من الجدل في لبنان، حيث يقول منتقدوها إنها تثير تساؤلات حول حرية الصحافة في حين يراها الإدعاء لازمة لحماية شهود يمكن أن يتعرضوا للخطر.
وتحمل القضية حساسية خاصة لارتباطها بمقتل الحريري و21 شخصا آخر، لقوا مصرعهم في تفجير أفسد سلاما هشا في البلاد، وكرس الانقسامات الطائفية والمذهبية، وغاب الاستقرار السياسي منذ ذلك الحين عن البلاد.
وأنشئت المحكمة الخاصة بلبنان للتحقيق في واقعة الاغتيال بعد أن قال ساسة لبنانيون إن نظامهم القضائي لا يمكنه القيام بالمهمة.واتهمت المحكمة خمسة أشخاص جميعهم على صلة بجماعة حزب الله اللبناني، وهم لا يزالون في حالة سراح مما يجعل كرمى خياط أول متهم يمثل بقاعة المحكمة، منذ حوكم الرئيس الليبيري السابق تشارلز تيلور بتهمة ارتكاب جرائم حرب أمام محكمة أخرى تعقد جلساتها في نفس المبنى.
ونشرت المحكمة الخاصة بلبنان في تعميم أصدرته قبل أسبوع، مواد إعلامية جديدة قالت إنّها تتعلق بقضية تحقير المحكمة، المقامة ضد شركة الجديد وكرمى الخياط، وخلفية هذه القضية وسياقها الإجرائي.
وذكّرت رئيسة قسم التواصل في المحكمة الخاصة بلبنان أولغا كافران أنّ المحكمة طلبت من كرمى الخياط عدم ذكر أسماء الشهود في قناة الجديد، ولم تمتثل.
وكان مدع مستقل عينته المحكمة قد وجه الاتهامات إلى خياط على اعتبار أن نشر قائمات الأسماء يمكن أن يقوض الثقة في الشهود الذين حصلوا على وعد بعدم الكشف عن هوياتهم.كينيث سكوت: المقابلات التي أجرتها خياط مع الشهود جزء من حملة لتقويض المحاكمة
وقال المدعي العام كينيث سكوت خلال جلسة عامة في لاهاي حيث مقر المحكمة “هذا السلوك لا يزال يهدد حياة هؤلاء الأفراد وأسرهم” مضيفا أن “حرية التعبير تفترض تحمل مسؤوليات، إذا شعر الشهود بالخوف فلن يحضروا إلى هذه المحكمة وستكون تلك هي نهاية المحكمة”.
وأكد سكوت إن المقابلات التي أجرتها خياط مع الشهود المزعومين “جزء من حملة لتقويض المحاكمة”.
وتقول خياط إنها نشرت قائمات منقحة تجعل من المستحيل التعرف على هوية أصحابها، وإنها كانت تهدف من وراء ذلك لإبراز مشكلة المحكمة الخاصة مع التسريبات. وتقول إن القائمة الكاملة نشرها لاحقا أطراف غير معروفين.
لكن سكوت رد على حجتها بالقول،”بالطبع لم تظهر الوجوه ولم تذكر الأسماء بالكامل لكن لا أحد ساذج”. وقال إن “أصوات الأشخاص الذين تم تصويرهم لم تعدل، في حين أن معلومات مثل الأحرف الأولى لأسمائهم ووظيفتهم ومكان عملهم أو حتى لوحات تسجيل سياراتهم ذكرت أو كانت واضحة على التلفزيون”.
وأشار إلى أنه كان من السهل التعرف على العشرات من الشهود من خلال هذه المعلومات التي وردت على قناة الجديد. وأضاف “هذه القضية تتعلق في الواقع بشركة إعلام، وإدارتها كانت تريد تحقيق سبق صحفي كبير وضجة والإثارة وما يطلق عليه (تغطية) استثنائية وكانوا على استعداد لفعل أي شيء من أجل ذلك.
ويمكن أن تواجه كرمى خياط حكما بالسجن لسبع سنوات وبغرامة مالية هي وقناة الجديد تصل إلى 130 ألف يورو (138600 دولار) في حالة إدانتها.
وفي إطار مجريات المحاكمة، رأى وكيل الدفاع عن قناة الجديد والخياط، المحامي كريم خان في تصريحه التمهيدي أمام المحكمة الدولية، “أن المحاكمة جنائية، والإدعاء لا يمكن أن يثبت الركنين المعنوي والمادي للقضية”، وقال “لا نية جرمية في القضية بدليل عدم ذكر اسم أي شاهد وتحوير صورهم ووجوههم”، لافتا إلى أن “كرمى خياط مثلت أمام المحكمة طوعا وهذا دليل تعاون”. وسأل المحامي خان الإدعاء “لماذا لم تعطوا الجديد أي اسم، فالادعاء قال إن الجديد كان لديه أسماء، لماذا لم تعط الأسماء ولم تعرض الوجوه، ذلك بسبب انتفاء النية الجرمية”.
وأضاف “رئيس قلم المحكمة ليس لديه أي سلطة قانونية وليس له أن يعطي أي أمر بالتوقف أو الامتناع”. وتابع “يبدو أن الدفاع هو من سرب المعلومات، هناك تسريبات من المحكمة وقد تجاهلها الادعاء وابتعد عنها”.
غير أن المحكمة قالت إن تحقيقا أجري في المزاعم التي تفيد بأن التسريبات خرجت من داخلها وإن التحقيق توصل إلى أن ذلك أمر “غير مرجح”.
ثم تحدثت كرمى الخياط، فقالت “أكثر من نصف مليون دولار دفعناها في هذه المحكمة، ومن حقنا التحقق من أن أموالنا تصرف في مكانها”، مؤكدة أن “المحكمة الدولية أنشئت من أجلنا ومن مالنا، ومراقبة عملها مسؤوليتنا”.
وقالت “من غير الإعلام ممكن أن يقدم مساءلة موضوعية عن عمل العدالة. القوة معكم والحق معنا ومن معه حق لا يخشى شيئا”، وسألت “أي عدل هذا الذي يعطي سلطة واحدة صلاحيات من دون مجلس أعلى يراقب ويحاسب”.
صحيفة العربArray