وجه نواب بريطانيون، بينهم من حزب المحافظين الحاكم، انتقادات للحكومة بشأن ما اعتبروه عدم اتخاذ خطوات عملية لحماية المدنيين في سوريا، في حين قال وزير الخارجية بوريس جونسون، خلال جلسة خاصة بالبرلمان البريطاني حول حلب، إنه لا يستبعد خيار إلقاء خيار المساعدات من الجو، دون أن يحدد المناطق المعنية بهذا الإجراء.
ويأتي هذا بينما قالت المتحدثة باسم رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، إن حكومتها ما زالت متسمكة بضرورة الانتقال السياسي في سوريا دون بشار الأسد.
من جانبها، انتقدت النائبة العمالية توبي بيركنز؛ صحيفة “مورننغ ستار” البريطانية التي وصفت القصف الروسي على حلب بأنه “تحرير”.
وكتبت بيركنز في تغردة على “تويتر”: “تحرير.. هذا ما تصف به مورننغ ستار ذبح الأطفال في حلب. فظيع”.
وبالتزامن مع الجلسة، أعلنت المتحدثة باسم رئاسة الوزراء البريطانية: “لا نعتقد أن الرئيس الأسد الذي يحكم الشعب السوري بمثل هذه القسوة الوحشية، هو الطريق نحو مستقبل آمن ومزدهر لسوريا على المدى البعيد”.
وأضافت المتحدثة خلال الندوة الصحفية اليومية: “لذلك نعتبر أن من الضروري حصول عملية انتقال سياسية من دون الأسد” في سوريا.
وأكدت المتحدثة أن المملكة المتحدة ستمارس ضغوطا على شركائها الأوروبيين خلال قمة الخميس في بروكسل، من أجل تبني “إعلان حازم وواضح” حول الوضع في حلب، وخصوصا حول “ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية والتوصل إلى وقف لإطلاق النار”.
ودعا النواب البريطانيون خلال الجلسة التي عقدت الثلاثاء؛ الحكومة البريطانية إلى العمل على التوصل لوقف لإطلاق النار في حلب، فيما يواجه نحو 100 طفل محاصر في أحد المباني في حلب الشرقية؛ خطر الموت، إلى جانب عشرات آلاف المدنيين المحاصرين في المناطق التي ما زالت بيد الثوار.
وقال عضو البرلمان عن حزب المحافظين ووزير التنمية الدولية السابق، أندرو ميتشيل، إن بريطانيا “متورطة” في المعاناة التي يواجهها آلاف السوريين، مشيرا إلى رسالة من أحد سكان المناطق المحاصرة في حلب قال فيها إن إقامة “ممر إنساني” ضروري لإجلاء المدنيين من المدينة التي تتعرض للقصف. وحذر ميتشيل من أنه “لا أحد يمكن أن يصدق بريطانيا مجددا بشأن محاربة الإرهاب عندما تتجاهل إرهاب الدولة”.
وأوضح ميتشيل أن بريطانيا كانت تعهدت، مع باقي أطراف المجتمع الدولي قبل عشر سنوات، بأنها لن تسمح بتكرار “الأحداث الفظيعة” التي وقعت في سربرنتشا وراوندا ودارفور، مرة أخرى، “لكننا اليوم نشهد، بل نتواطأ فيما يجري لعشرات الآلاف من السوريين في حلب”.
لكن جونسون قال إن الحكومة “تعمل على تقليل المعاناة” عبر كل الوسائل الدبلوماسية الممكنة، كما قال.
وقال جونسون إنه لا يستبعد خيار إلقاء مساعدات إنسانية من الجو، لكنه قال أيضا إنه لا لإثارة “الآمال”، معتبرا أن الوضع سيكون “أكثر فاعلية” إذا سمحت روسيا والأسد بمرور المساعدات.
وعاد جونسون لتوجيه اللوم لروسيا والصين بشأن سوريا، على خلفية استخدامهما الفيتو في مجلس الأمن مؤخرا؛ ضد قرار لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات.
وقال إن بريطانيا تجمع الأدلة لمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب في سوريا، مع استمرار الضغوط الدبلوماسية على روسيا والدفع باتجاه تشديد العقوبات ضدها.
من جهتها، قرأت وزيرة الخارجية في حكومة الظل، إيميلي ثورنبيري، كلمات كتبها طبيب في شرق حلب، قال فيها: “تذكروا.. كانت هناك مدينة اسمها حلب محاها العالم من التاريخ”.
وأضافت: “بينما ندين أفعال روسيا والأسد في شرق حلب، علينا أن نتأكد أنهما سيواجهان المحاسبة يوما ما. وبينما ندين أيضا إيران وحزب الله لدورهما في هذه المجزرة، يجب علينا أن نتذكر كلمات ذلك الطبيب الذي لم يوجه اللوم فقط للمسؤولين المباشرين عن تدمير مدينته، بل إلى العالم أجمع؛ الذي سمح بحدوث هذا”.
ودعت وزيرة الظل الحكومة البريطانية لدراسة استخدام طائرات من دون طيار أو المظلات الموجهة لإسقاط المساعدة لحلب المحاصرة.
وقال وزير المالية السابق والنائب عن حزب المحافظين، جورج أزبورن، إنه على أعضاء البرلمان تحمل “بعض المسؤولية” بشأن ما يجري في سوريا.
ورأى أن عقد جلسة طارئة للبرلمان يوحي بأن “المأساة” قد حدثت بشكل مفاجئ، ليضيف: “الحرب الأهلية في سوريا مستمرة منذ 2011، وكان علينا أن نتوقع حدوث مثل هذا الأمر وعمل شيء تجاهه”.
وأرجع أوزبورن “مأساة” حلب إلى “فراغ القيادة في الغرب.. في القيادة الأمريكية.. القيادة البريطانية”، مضيفا: “كانت هناك العديد من الفرص للتدخل في سوريا”، في إشارة إلى رفض البرلمان للتدخل العسكري ضد الأسد بعد استخدام الأسلحة الكيماوية في ريف دمشق في 2013، ليخلص للقول: “بدأنا الآن نتلمس نتائج عدم تدخلنا”.
أما زعيم حزب العمال المعارض، جيرمي كوربين، فقد وجه رسالة مفتوحة إلى رئيسة الحكومة، دعاها فيها إلى تكثيف الجهود لتحقيق وقف لإطلاق النار، وفتح ممرات إنسانية تحت إشراف الأمم المتحدة.
وعُرض أمام البرلمان تسجيل مصور يظهر حجم الدمار في حلب. وخلال الجلسة، كرر نواب من الأحزاب المختلفة بأن البرلمان والحكومة البريطانيين؛ فشلا في توفير حماية للمدنيين في سوريا.
وفي هذا السياق، قال النائب عن حزب الديمقراطيين الأحرار والمتحدث باسم الحزب للشؤون الخارجية، توم بريك: “في البداية ادعينا أننا نقف مع المعارضة، ولكننا فعلنا القليل لدعمهم. وعندما انخرطت روسيا إلى جانب الأسد، وارتكبت الانتهاكات الوحشية ضد المدنيين، فشلنا في إنشاء منطقة حظر طيران، كما لم تفعل حكومتنا أي شيء لإيصال المساعدات الإنسانية الضرورية لمن هم تحت الخطر”.
ودعا بريك لتقديم مأوى للاجئين والمساهمة في إعادة الإعمار، مضيفا: “يمكننا استخدام مكانتنا في المسرح الدولي لفرض مرحلة انتقالية في سوريا بدون بشار الأسد”.
وتساءل النائب عن حزب العمال، ستيفين دوتي، عن سبب غياب عدد كبير من أعضاء البرلمان عن حضور الجلسة، رغم أهمية القضية، كما تساءل عن عدم حضور رئيسة الحكومة ومغادرة زعيم حزب العمال، رغم حضوره في بداية الجلسة. كما انتقد تخصيص ساعتين فقط لمناقشة موضوع سوريا، في حين أن الجلسة التالية لمناقشة قضية تخطيط الأحياء خُصص لها خمس ساعات.
وشددت النائبة العمالية آن تورلي على أنه لا يمكن “للتجارب السابقة في التدخلات العسكرية أن تجعلنا نقف مكتوفي الأيدي” تجاه ما يجري في سوريا، واستذكرت كيف كانت تتابع ما يجري في سربرنيتشا في البوسنة، عندما كانت في سن المراهقة، متسائلة: “لماذا لا نقوم بأي شيء؟”.
من جهته، قال النائب عن حزب العمال، بين برادشو، إن الحكومة لم تتقدم للبرلمان بطلب لإلقاء المساعدات من الجو للمناطق المحاصرة في سوريا، رغم إعلان حزبه دعم هذه الخطوة، مشبها بيان الحكومة البريطانية أمام البرلمان اليوم؛ ببيانها حول الزعيم الصربي سلوبودان ميلوسوفتيش في البوسنة سابقا.
وبينما قالت زميلته في الحزب، النائبة أليسون ماكفيرن، إن على الحكومة البريطانية تقديم حلول أشياء ملموسة بدلا من الاكتفاء بإصدار البيانات، تساءلت: “هل هناك من يعتقد حقا بأنه إذا تركنا الأسد يواصل طريقه الآن سيتوقف لاحقا؟”.
وبالمثل، دعت النائبة العمالية روزينا ألين خان؛ البرلمان ليسأل نفسه عما إذا كان قام بما يكفي بشأن سوريا.
المصدر:عربي21