قضايا الابتزاز على وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت هاجسا لدى الأهالي والمستخدمين، بدل أن تكون وسائل لتلاقح الأفكار والاستفادة منها، ويتساءل الكثير منا، ما الحل لها؟ وكيف نحمي أنفسنا منها؟
هذا ما حدث مع فاطمة، امرأة في العقد الثالث من عمرها تقطن في مدينة إدلب، متزوجة ولديها أطفال، غير متعلمة ولا تجيد التعامل مع البرامج الإلكترونية بمهارة، جلّ ما تعرفه عن تلك التطبيقات التصفح والتفاعل وإرسال بعض التعليقات السطحية.
تحكي لنا فاطمة تجربتها مع وسائل التواصل، قبل سنتين، فتقول: “يادوب بعرف اقرأ عربي.. لما يجيني طلبات صداقة الاسم بالاجنبي أطلع عالصورة إذا بتوحي أنه لبنت على أساسها أعطي موافقة او رفض”.
ومن بين طلبات الصداقة تلك أرسل لها أحدهم وقبلت ظناً منها أنه فتاة تقربها، بعد أخذ وردّ بينهما على تطبيق الماسنجر، قام هذا الشخص باختراق حسابها والاستيلاء على بعض الصور والفيديوهات في جوالها، ليقوم بعدها بابتزازها إن لم تتجاوب معه وتنفذ ما يطلبه منها.
تقول فاطمة: “بعتلي صورتي بلا حجاب عالماسنجر وقلي صورك اللي بجوالك صارت كلها عندي، للوهلة الأولى ماصدقت، رد بعتلي كم صورة وطلب مني مبلغ كبير من المال وقلي إذا ما دفعتي صورك رح يعبو الفيس”.
لم تستطع فاطمة تمالك نفسها، وقامت بحظره على الفور، لتتفاجأ به يكلمه على الواتساب ويهددها بأن تطبيقاتها جميعها مفتوحة لديه، ولا مفر من الهروب منه، وخلال ٢٤ ساعة إن لم تستجب لما طلبه منها سيرسل الصور والفيديوهات لزوجها.
فما كان من فاطمة إلا أن سارعت إلى زوجها وروت له كل ما حدث معها، مع اطلاعه على محادثتها مع هذا الشخص المجهول الذي ظنته فتاةً، ولم تكن تدري أنه فخٌّ استدرجها من خلاله، تقول فاطمة وقد بدت عليها علامات الانفعال والتوتر:
“كل مابتذكر هالحادثة بتوتر وبصير أرجف.. أوقات صعبة ومظلمة قضيتها.. كان كل خوفي انه زوجي مايصدق القصة وتكون نهايتي الطلاق وضياع مستقبل عيلتي.. بس الحمدلله زوجي كان واعي وحلّ الموضوع بحكمة”.
تواصل زوجها مع الشخص وأخبره بأنه زوجها وأنه لن يرضخ لابتزازه.. ولو قام بنشر صور لزوجته فهي بالنهاية لا ذنب لها فيما سيقوم به المبتزّ، فاختفى الشخص وانسحب، بعد عدة محاولات مع الزوج للوصول معه إلى اتفاق بدفع مبلغ ولو بسيط، إلا أن الزوج كان يرفض في كل مرة.
حالف الحظ فاطمة بأن حباها الله بزوجٍ واعٍ تفهّم ما حدث معها ووقف إلى جانبها، رغم إدراكه حجم الضرر الذي سيقع في حال قام ذاك المجرم بنشر صورها ومشاركتها مع أصدقاء وأقارب فاطمة.
لكن في المقابل كثيرات هنّ من يقعن في فخّ الابتزاز وتتحول المسألة إلى تورطهنّ في مواقف لم يكن لهنّ رضا بفعلها، إلا أن خوفهنّ من الفضيحة وما يترتب عليها من دمار وخرابٍ لحياتهن الزوجية والعائلية يدفعهنّ لتنفيذ ما يطلبه منهن أولئك المجرمون.
جريمة التحرش والابتزاز الإلكتروني أصبحت قضيةً شائكةً يصعب حلها وإلقاء القبض على مرتكبيها، لذلك لابدّ من التوعية المستمرة لأبنائنا وبناتنا بعدم قبول صداقات عامة، ورفض التحدث مع أشخاص مجهولين وتزويدهم بمعلومات شخصية أو صور وغيرها. وعدم فتح أي روابط مرسلة عبر تلك البرامج لأنها أحد طرق اختراق الحسابات..
والأهم من ذلك كله أن يقتصر العمل على تلك البرامج بما هو مفيد وذو هدف معرفي أو ثقافي، يضيف للمرء قيمةً علميةً وأخلاقية.
قصة خبرية / إيمان هاشم
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع