صحيح أن التعلم لكل جديد أمر ضروري، لكن الثقافة بزمن الحروب هي سيف ذو حدين بالنسبة للاجئين السوريين، الذين شكلوا خزينة علمية غنية، عند إلمامهم بقواعد اللغات داخل البلدان الأوربية التي يقطنوها.
تسعى الدول المستقبلة للاجئين السوريين إلى إدماجهم بمجتمعاتها من خلال وسائل عدة، ظهرت منها تعليمهم اللغات لكل منطقة يمكثون بها، ليستطيعوا التأقلم مع محيطهم.
كثير من السوريين اعتمدوا اللغة الإنكليزية حال وصولهم لبلاد المهجر، لتيسير أمرهم بما أن الإنكليزية لغة عالمية، بينما هم فعلياً يعرقلون مسيرة تفاعلهم مكان وجودهم من خلال عدم تعلمهم اللغة الأساسية للبلد الحاضن لهم.
لغات عدة دخلت قاموس المعرفة للفرد السوري، بعد مغادرته سورية، كالألمانية والسويدية مع الهولندية، لكن كل منها لها صفات محددة وآلية لتعليمها كالمدة اللازمة لها.
تهتم السلطات السويدية بالأطفال، وتخصص لهم منذ ولادتهم مبالغ نقدية تصل حوالي 1100 كرون شهرياً ، يتمكنوا من الذهاب فوراً إلى المدارس السويدية، مما يسمح لهم بالاحتكاك المباشر مع المجتمع و زملاء الدراسة داخل وخارج أوقات الدوام، وفق صفحة عرب السويد.
محمد لاجئ فلسطيني سوري في النرويج يقول:” مدة تعليم اللغة في المدارس المجانية سنتين، وأربع مستويات نستطيع في المستوى الرابع دخول الجامعات، ونواجه الصعوبات في البداية، ثم نتكيف مع الوضع”.
تختلف المستويات من ولاية لأخرى فمن الممكن أن تصل لسبع مستويات، إلا أن التفاوت بمرونة تعلم اللغات هو العامل الأكبر لاستيعابها، “عبد المنعم أبو ابراهيم” لاجئ في السويد تحدث لأورينت نيوز، واجهت صعوبات في نطق الحروف الصوتية التسعة، إلا أنني وجدت فيما بعد، سلاسة في لفظ كلماتها وعذوبة في النطق ورشاقة في المخارج، وخاصة أن اللغة السويدية مصنفة من اللغات الأنثوية، أي أنها تلفظ بطريقة لطيفة، حتى أن البعض يطلقون عليها اللغة الرومانسية.
من المعروف أن سرعة التعلم عند الأطفال أقوى من الكبار في ظل اهتمام الغرب بشكل عام بهم أكثر من الكبار، لذلك تزداد الضغوطات عليهم أثناء عملية الاندماج، سواء في المدارس العامة أو الخاصة، فألمانيا مشهورة بصلابة لفظها وتعقيدها لأن معظم دراساتها علمية بعيدة عن الأدب.
عمر لاجئ سوري في هولندا، يقول:” إن حياتنا تعتبر مرفهة مقارنة ببقية دول اللجوء الأخرى، من ناحية الإقامة والانخراط ضمن الأوساط الاجتماعية، بل حتى في سهولة اللغة، بغض النظر عن حروفها الكثيرة والخشنة أحياناً”.
عدد لا بأس به من الأساتذة العرب المستقرين منذ زمن طويل، يقومون بتدريس اللاجئين السوريين اللغات الأجنبية المختلفة داخل منازلهم، عن طريق شرح قواعدها باللغة العربية، لتوصيل المعلومة بشكل أيسر، ومن ثم تحويلها للغة المطلوب إتقانها.
محمد في تركيا يقول:” إن تركيا تحتوي أكثر من مليون ونصف، ولا بد أن لبعضهم دور في دفعها الاقتصادي، فاضطر بعض التجار الأتراك للبحث عن السوري المتمكن من اللغة التركية، حينها أصبحت تلك العملية حافزا ملحا للعجلة بتعلمها”.
” كل شيء له ثمنه “، مثل بات لا يدركه اللاجئ السوري عندما تناسى أن اللغة العربية لديه ستتراجع إلى حد ما، فضلاً عن غياب مبادئ المجتمع الشرقي، مزامنة بالتدهور الأخلاقي الذي تفرضه تنشئة الدول الأوربية.
المركز الصحفي السوري ـ محار الحسن