تعاني منطقتنا من تشنجات وتقلصات، فهي متوترة في كل بلد من بلادها، وكل مكون من مكوناتها، وكل مذهب فيها.
على سبيل المثال، بدأت مؤشرات التغيير حى في السعودية، التي تعتبر البلد الأكثر استقرارًا في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.
ومن أول هذه المؤشرات فتح الباب أمام منح المرأة حق قيادة السيارة، وهو الخطوة الأولى للأسرة الحاكمة في السعودية لمواجهة التشنجات..
ولي العهد السعودي قال بضرورة أخذ التطورات الحاصلة في العالم بعين الاعتبار.
العملية أُطلق عليها اسم “الإسلام المعتدل”.. وفي الحقيقة، المصطلح ليس جديدًا على الإطلاق.
فقد استُخدم في السنوات الأولى من حكم حزب العدالة والتنمية تحت عنوان “تناغم الإسلام المعتدل والديمقراطية”.
لكن الحقيقة الكامنة وراء ما يحدث في السعودية – بحسب مختصين في الشرق الأوسط – هي تحسُّب الأسرة الحاكمة من مجيء الربيع العربي إلى بلادها…
فإذا كان الأمر كذلك.. هناك حركة عميقة لا يمكن سترها بعملية مكياج من قبيل منح المرأة حق قيادة السيارة. والإسلام المعتدل لا يبدو خطوة عملية ومستقبلية في السعودية.
ما أردت الإشارة إليه هو أن نقاط الانكسار في المنطقة بدأت في بلد لم يكن يُتوقع أبدًا أن تظهر فيه.
***
الوضع في سوريا معلوم للجميع.. ومن المؤكد أنها سوف تخضع للتقسيم.. المزاد علني على عدد الدول التي ستتفرع عنها!!
بعد التقارب الإيراني الروسي في الملف السوري، يبدو أن علاقات تركيا مع نظام الأسد تتطلب نقاط تقاطع جديدة، وإن كان ذلك بشكل غير مباشر.
رفض الأسد مقترح الفيدرالية المقدم من جانب حزب الاتحاد الديمقراطي يشعل الضوء الأخضر أمام هذا الاحتمال.. غير أن “الحكم الذاتي” ما يزال مطروحًا، وهو ليس أقل خطرًا من “الفيدرالية”.
***
حدث ما كان متوقعًا في شمال العراق.
بعد أن انفجر “استفتاء الانفصال” مثل فقاعة صابون، تنحى بارزاني عن منصبه.
كتبت في مقالات سابقة أن “إبعاد بارزاني سيفتح صندوق باندورا تنضح منه الأخطار”.
يتعاظم احتمال ظهور حزب العمال الكردستاني على مسرح الأحداث في شمال العراق لملء الفراغ الحاصل عقب مرحلة من الفوضى.
يجب التفكير جيدًا بمسألة تخلي الولايات المتحدة عن بارزاني وهو على طريق “استفتاء الانفصال”.
فهل هذا مؤشر على رسم دور لاعب رئيسي لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق من خلال تقديم الدعم له.
الولايات المتحدة باعت بارزاني الأب في السابق، وهاهي تبيع الابن..
لكن علاقاتها مع حزب العمال الكردستاني آخذة في الازدهار.
ما يشغل تركيا هو تزايد احتمال أن يلعب حزب العمال الكردستاني دورًا رئيسيًّا في شمال العراق، وتشكيل حزام لحزب الاتحاد الديمقراطي في شمال سوريا.
ولهذا أكد من اتخذوا موقفًا عقلانيًّا من القضية، ومن بينهم كاتب هذه السطور، على ضرورة إنهاء مغامرة الاستفتاء وبقاء بارزاني في الحكم رغم فقدانه الكثير من قوته.
ينبغي على تركيا ألا تقطع علاقاتها مع بارزاني، بل وتقدم دعمًا محدودًا له شرط العودة إلى وضع ما قبل الاستفتاء.
ويجب ألا ننسى أيضًا أن لتركيا مصالح اقتصادية كبيرة في شمال العراق.
ترك برس