لا يزال السوريون يصارعون مخاوف مصادرة عقاراتهم أو عدم تمكنهم من التصرف بها وبخاصة تلك التي طالها قصف وتدمير نظام الأسد خلال سنوات الثورة، وأجبر أصحابها على اللجوء مما تركها فريسة سهلة لأطماع النظام وشركائه الذين يبحثون عن مكافئة لوقوفهم بجانب النظام فمن يتجول في حلب والغوطة وحمص ودير الزور يرى عدداً كبيراً من أطلال البيوت التي دمرت بفعل قصف منهجي، أحالها الى ركام غير صالحة للسكن، ويظهر أطلس الدمار الصادر عن معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب كما أشارت مصادر محلية أن مدينة حلب تصدرت عدد البيوت المدمرة بواقع 35722 تليها حماة بواقع 10529 ثم دير الزور بواقع 6405.
مجالس المدن أداة سلب العقارات:
تقوم مجالس المدن وبحجة هدم وإعادة تطوير العقارات الآيلة للسقوط الى مصادرة ملكية هذه البيوت وتسليمها الى هيئة التطوير والاستثمار العقاري والتي هي شخصية اعتبارية كما حددها القانون رقم 15 لعام 2008.
ففي حلب مثلاً التي يعتبر أغلب قسمها الشرقي مناطق مخالفات عشوائية ومناطق مدمرة كونها كانت ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة قوى الثورة ثم أعاد النظام الاستيلاء عليها بعد تدمير أغلب أبنيتها يقوم مجلس المدينة بهدم هذه الأبنية تمهيداً لضمها الى هيئة التطوير والاستثمار كما حدث في منطقة الحيدرية..
يقول معد المدلجي رئيس مجلس المدينة لصحيفة البعث _ التابعة للنظام _ في عددها الصادر 1-6-2021 أن العمل مستمر في المناطق والأحياء المخالفة لإجراء مسح شامل على الأبنية المهددة بالسقوط ويؤكد أن العمل مستمر وبوتيرة عالية لإنجاز المراحل التالية من مشروع التطوير العقاري ضمن مناطق المخالفات والعشوائيات.
فكيف يمكن تطويرها عقارياً رغم أن أغلب المالكين لها هم من النازحين خارج حدود سوريا أو في مناطق سيطرة قوى الثورة؟
وتتم معالجة مناطق السكن العشوائي كما أشارت وكالة سانا التابعة للنظام وفق أحكام القانون رقم 15 لعام 2008 وتعديلاته من قبل الوحدة الإدارية بمشاركة الهيئة العامة للتطوير إما بطريقة الهدم وإعادة البناء أو الارتقاء وإعادة التأهيل كما يحق للوحدة الإدارية التقدم إلى الهيئة العامة بطلب لإحداث منطقة تطوير للسكن العشوائي وتشكل فرق عمل لإنجاز المسح الاجتماعي للمنطقة وإعداد برنامج تخطيطي لها.
وينص القانون على أن تعد منطقة تطوير السكن العشوائي المحدثة شخصية اعتبارية تحل محل جميع المالكين وأصحاب الحقوق فيها وفقاً للمادة 19 وتمثل الوحدة الإدارية الشخصية الاعتبارية لمنطقة التطوير المحدثة وتمارس كل الصلاحيات والإجراءات اللازمة لتنفيذ البرنامج التخطيطي للمنطقة.
فكيف يمكن للمهجرين من إثبات ملكيتهم لبيوتهم المهدمة مع عدم إمكانية قدرتهم على التواصل مع لجان المسح الاجتماعي فهم خارج الوطن ومراجعة القنصلية أو السفارة يحتاج لمصاريف الحجز والانتقال ربما تعادل ثمن البيت المتواضع الذي يملكونه.
ومعروف أن القاطنين في المناطق العشوائية في شرق حلب والتي تشكل ثلث المدينة لا يملكون سند ملكية للأرض سوى ما يعرف بحكم المحكمة والذي يوثق ملكيتهم للعقار الذي يسكنونه، وعليه كانت تتم عمليات البيع والشراء فهؤلاء سيحرمون من إثبات ملكيتهم وسيتم ابتلاع عقاراتهم دون وجه حق وكأن النظام بذلك لم يكتف بتدمير الأحياء الثائرة في مدينة حلب بل يسعى الى نزع ملكية أصحابها وتقديمها لقمة سهلة لشركات التطوير العقاري القادمة من إيران مما ينذر بنوايا تغيير ديمغرافي للسكان في حلب.
تقرير خبري/ محمد الحلبي
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع