لم يعد لمحمد ذي التسعة أعوام حضن دافئ يلوذ به، إذ فقد والديه وبقي وحيدا مع شقيقته مريم، وكانا يقيمان -رفقة آخرين- في دار غطاء الرحمة لرعاية الأيتام في مدينة إدلب شمال سوريا، قبل أن تقصفها قبل أيام طائرات روسية وتلحق بها دمارا كبيرا أدى إلى إغلاقها.
بعد الغارة الروسية، اصطحبت إحدى المشرفات محمدا وشقيقته ليسكنا في منزل عائلتها مع أربعة أطفال آخرين، ومن هؤلاء محمد الذي قتل والده وفقدت والدته عقلها من هول الحرب، وبقي الطفل وحيدا لا يعلم عن نفسه أو عائلته سوى اسمه.
كانت مديرة دار الأيتام إيمان الشامي قنديلا لهؤلاء لأطفال في لياليهم المعتمة، فهي تحتضنهم وتعلمهم وتطعمهم، وتحاول أن تعوضهم بعضا من حنان الأهل الذي فقدوه، هذا الحنان الذي افتقده أكثر من ثمانمئة ألف طفل في سوريا.
وسبق لصحيفة تايمز البريطانية أن ذكرت في مايو/أيار الماضي، أن نحو ثلاثة ملايين طفل سوري نزحوا من منازلهم التي هدمها القصف، وهم يعيشون الآن في مساكن مؤقتة داخل البلاد وخارجها، ويشكلون نحو ربع الخمسة ملايين لاجئ المنتشرين في مخيمات الأردن وتركيا ولبنان، وقد تعطلت دراستهم، والعديد منهم يعانون صدمات نفسية وأصبحوا “جيلا ضائعا”.
افتراش الأرصفة
تقول إيمان الشامي إن الأيتام الخمسة كانوا ينامون على أرصفة الشوارع قبل أن يذهب بهم أحد المحسنين إلى أسرة اعتنت بهم فترة محددة، وعندما سمع بتجهيز دار للأيتام في إدلب طلب من إدارة الدار تولي أمرهم، وهو ما تحقق قبل أن تصبح أثرا بعد عين.
كان يقيم في دار الأيتام أربعون طفلا فقدوا عائلاتهم وكل أقربائهم جراء الحرب الدائرة منذ خمس سنوات، وبعد تدمير الدار أصبح نزلاؤها يعانون من التشريد مرة أخرى، ولم يبق من دار الأيتام سوى الأطلال ورسومات الأطفال.