اعتبر تحرير مدينة إدلب ثانية مدن الشمال السوري بعد حلب من يد النظام واحدا من أكبر إنجازات الثورة السورية. لكن العلامة الأبرز في هذه الانعطافة تمثلت في أن الانتصار لم يوقع يوم 28 مارس/آذار 2015 باسم فصيل معارض بعينه وإنما باسم جيش الفتح.
كان اجتماع سبعة فصائل مقاتلة تحت راية واحدة العنوان الأبرز الذي تأسست عليه حلقة 8/4/2015 من برنامج “بلا حدود”، والتي بثت على قناة الجزيرة من إحدى المناطق على الحدود السورية التركية، وبحثت فيها مقومات وآثار هذه الوحدة الفصائلية في غرفة عمليات واحدة ضمت كلا من: أحرار الشام وجبهة النصرة وجند الأقصى وجيش السنة وفيلق الشام وجند الحق وأجناد الشام.
أحد القادة العسكريين لجيش الفتح أبو يوسف المهاجر أرجع الانتصار إلى إلغاء الفصائلية لصالح جيش الفتح، هذا من جانب، مضيفا إلى ذلك سرعة انهيار مليشيات و”شبيحة” النظام وبقاء الجيش وحده داخل المربع الأمني ثم إخلاءه المدينة يوم 28 مارس/آذار وإعلان التحرير.
تجربة غرفة العمليات المشتركة بحسب المهاجر يمكن أن تتطور وتتوسع، مشيرا إلى أن النظام ما كان بإمكانه الاستمرار بعد سنة ونصف من الثورة لولا إيران وحزب الله.
مضادات طيران
وعن نوعية السلاح الذي تحتاجه المعارضة ويمكن به تحقيق فارق نوعي قال إنها مضادات الطيران التي ستساعد في دعم التقدم إلى مناطق جديدة، مبينا أن طيران النظام دمر 10% من إدلب خلال أسبوع.
وعرج المهاجر على حرب أخرى موجهة ضد قوى الثورة قال إنها من تنظيم الدولة الإسلامية، وأضاف أن النظام والتنظيم يقفان جنبا إلى جنب على طول مائة كيلومتر من خناصر حتى الشيخ نجار، مؤكدا أن النفط الذي يسيطر عليه تنظيم الدولة يباع للنظام بأقل من سعره العالمي و”حتى نحن نشتريه منهم عبر وسطاء”.
ورفض أن توضع جبهة النصرة في سلة واحدة مع تنظيم الدولة، معتبرا ذلك خطأ شائعا، حيث أغلب عناصر النصرة من السوريين أما “جماعة البغدادي فمهاجرون”، وهذه الجماعة تعتبر النصرة مرتدة، وإذا كانت الأخيرة مرتدة فما حال بقية المسلمين، بحسب سؤال أحمد منصور؟ قال المهاجر مبتسما “إن ردتهم واضحة” لا يناقش فيها.
وأخيرا كشف المهاجر عن وجود أكثر من 200 أسير من الإيرانيين والأفغان وغيرهم، مبديا استعداد جبهة النصرة لمبادلتهم بسجناء لدى النظام، أما الأسرى من ضباط الجيش -وبعضهم يحمل رتبة عميد وعقيد- فقال إن النظام لا يأبه لهم.
شوط أول
من ناحيته قال عضو المكتب السياسي في حركة أحرار الشام أبو عزام الأنصاري إن معركة تحرير إدلب انتهى منها الشوط الأول فقط، إذ المشكلة الكبرى هي الدمار الذي ألحقه طيران النظام، وأضاف أن إعادة الحياة للمدينة ستشمل إعادة الدوائر ومؤسسات الدولة إلى الناس لتديرها كوادر مدنية لا يشترط في اختيارها سوى الكفاءة.
وأوضح أن بعض الجوانب التي سيجري العمل عليها سريعا ومنها الهيئة القضائية والقوة التنفيذية للأمن والسلام والإغاثة والتربية والتعليم وتشغيل الأفران.
ولدى سؤاله عن احتمال أن تقع إدلب في يد تنظيم الدولة، قال إن المجتمع أصبح محصنا ضد عودة التنظيم ولن يتكرر ما حدث في 2012، واصفا ما يرد عن الأمان في مناطق تنظيم الدولة بأنه أمان مع الظلم تماما كالأمان الذي كان في ظل حافظ الأسد.
وحول الموقف الأميركي الراهن من النظام قال إن الثورة وهي ترى في الأسد أس المشكلة فإنه في نظر أميركا جزء من الحل. أما الاتفاق النووي مع إيران فرآه سلبيا يظهر نفاق إيران التي ادعت مناهضة الاستكبار والغرب الذي قال إنه يدعم الحريات.
ووصف الأنصاري سوريا بأنها تدار من قبل إيران، وأن نفوذه إيران وصل مداه الأعلى وأصبحت المواجهة من 2012 ليست مع النظام وإنما معها، بل حتى المفاوضات يفضلها مع إيران لأنها “تحتل البلاد وصاحبة اليد العليا فيها”.
الجزيرة نت