الباحث عن قصص بائعات الخبز بالعاصمة المغربية الرباط يضيع لغزارة الكلام واختلاف المحن، عشرات القصص تُجمع على أن بيع الخبز هو السبيل الوحيد لهؤلاء النسوة لكسب قوت عيالهن.
خديجة وهي إحدى البائعات تتعرض وزميلاتها لمضايقات، خصوصاً من طرف رجال الأمن، موضحة “إنهم يمنعوننا من وضع عرباتنا هنا، فقد ركل رجل أمن عربتي، وقال بعد أن سألته ماذا تريد أن أفعل؟ انتحري”.
تحدثن بكل عفوية، فرغم كونهن القوامات على العديد من الرجال، إلا أنهن لا يسلمن من النظرة الذكورية، تقول “أم حليمة”، وهي امرأة مسنّة تصنع خبز الشعير والقمح الكامل لتبيعه النسوة في عرباتهن: “نعم سوق النساء خاوٍ (فارغ) من بكري (زمان)”.
اتركيها تموت!
خديجة ذات الـ31 ربيعاً، تبيع الخبز في حي يعقوب المنصور الشعبي بالرباط العاصمة، لا تغادرها إلا مرة في السنة لتزور أمها في أعالي جبال الأطلس الكبير.
تقول في حديث لـ”هافينغتون بوست عربي”: “أنا المسؤولة عن أخي الوحيد الذي تمكّن من ارتياد المدرسة من بين إخوتي الـ11، يدرس في الثانوية العامة هذه السنة ويقيم في خيرية دار رعاية اجتماعية”.
تقوم خديجة بإرسال 200 درهم (20 دولاراً) كل أسبوع لتعينه على الاستمرار في دراسته، وتضيف: “أحاول من خلال بيع الخبز أن أساعد أمي أيضاً على أعباء الحياة، وأتدبر مصاريفي اليومية”.
وتتابع خديجة حديثها بالقول: “عملت في أمور لم أستطع تحمّلها بسبب حالتي الصحية، تعرضت لكسر في الظهر حين كنت لا أتجاوز 9 سنوات، أبي لم يتحمل مسؤولية علاجي وكان يقول لأمي اتركيها تموت”.
كسرة خبز بطعم الإهانة
تحكي خديجة قصتها التي تشبه عشرات القصص بشارع المسيرة، حيث تصطف بائعات الخبز: “اليوم أنا أبيع الخبز لمجموعة من الأفران التقليدية التي توزع الخبز عليَّ وعلى زميلاتي، أربح من الخبزة العادية 20 سنتيماً (خُمس درهم مغربي)، ومن خبز القمح الكامل نصف درهم (الدرهم يساوي 0,10 دولار تقريباً)”
أفضل من خدمة البيوت
أما فاطمة (36 عاماً) فتقول في حديثها لـ”هافينغتون بوست عربي”: “قررت ألا أقرب الحرام، قضيت 9 سنوات هنا في العاصمة، عملت سابقاً في المقاهي وتنظيف البيوت، لكن الأمر لم يسر بشكل جيد، أتعرّض للتحرش وأحياناً لابتزاز رب العمل، بيع الخبز أفضل بالنسبة لي”.
تستيقظ فاطمة فجر كل يوم لتعد الخبز قبل أن تخرج لعرضه للبيع في الشارع، تقول إن “هذا العمل ينسيني آلام الماضي، حين كان أبي في البادية يجبرني على الرعي حافية القدمين”.
هافينغتون بوست عربي