مات نظام بشار الاسد. موعد الدفن لم يتم الاتفاق عليه، ولا تفاصيل التركة، اي مرحلة ما بعد بشار. العواصم الكبرى المعنية ومعها بعض العواصم العربية والاقليمية الداعمة للثورة تتفاوض في الكواليس حول المرحلة المقبلة، والجميع متفق على ترك “انبوب الاوكسجين” معلقا بجسد بشار الاقرب الى الموت من أي وقت مضى، ريثما يكتمل رسم مشهد المرحلة الجديدة، التي يمكن ان تكون بدايتها دامية جدا مع احتدام الحرب على تنظيم “داعش” لمنعه من ملء الفراغ الناجم عن سقوط بشار. فضلا عن ان مصير منطقة الساحل والجبل حيث تتمركز نسبة كبيرة من العلويين لم تنته المشاورات في شأنها: هل تدخلها “ردع عربية” لتحييدها بعد خروج بشار وبطانته، ام تتمركز فيها قوة سلام عربية – روسية، او عربية – اوروبية مع مراقبين روس؟ الاقتراحات لا تعد ولا تحصى، والاهم ان القاسم المشترك الذي تنطلق منه جميع القوى المعنية (اميركا، اوروبا، تركيا، السعودية، قطر وروسيا) هو ان نظام بشار مات، وان الجهد يجب ان يتركز على حصر النار السورية بأسرع ما يمكن. على الطاولة اقتراحات لا تعدّ ولا تحصى، حول شكل النظام الجديد، والتركيبة، والسلطة، الجيش ومصير المخابرات. ولذلك امكن القول اننا بتنا في ربع الساعة الاخير قبل انقلاب المشهد في سوريا رأسا على عقب. ويبقى موقف ايران المتمسك بجثة بشار اشكالية يجري العمل على معالجتها، علما ان موقف ايران وتورطها مباشرة او عبر اداوتها المليشيوية مثل “حزب الله” لا يغير في المآل النهائي: لقد سقطت او تكاد نقطة الارتكاز الاساسية لايران في المشرق العربي، اي “سوريا الايرانية”، ومعها سوف يكون مستقبل “حزب الله” باعتباره اهم استثمار ايراني في المشرق العربي، وسيكون اول المتأثرين بدفن نظام بشار، وتغير المشهد السوري.
مستقبل “حزب الله” مطروح من زاوية الوظيفة المقبلة التي يمكن ان يدفع لتأديتها نتيجة لهزيمة سوريا. فالعودة الى لبنان بأعداد كبيرة جدا من القتلى قياساً بحجم البيئة الحاضنة والتنظيم نفسه، انما قد تحتاج الى تعويض في مكان ما، لبنان ساحة يستسيغ الحزب اللعب فيها على حافة الهاوية. كما ان هزيمة سوريا المنتظرة ربما استدعت من الايرانيين العمل على الامساك بورقة كاملة العناصر، ولبنان ساحة مرشحة ل”طحشة ” ايرانية تعويضية عن سوريا في محاولة لسيطرة تامة على البلاد بكل مفاصلها ومؤسساتها السياسية والعسكرية والامنية، حماية للاستثمار الاهم خارج الحدود منذ الثورة سنة ١٩٧٩. ولا ننسى ان طهران تدخل تدريجيا عصر سلام مقنع مع اسرائيل، وبالتالي فإن “حزب الله” جزء من السلام المقنع مع اسرائيل : انتهت ورقة ما يسمى “مقاومة”.
والسؤال: بعد هزيمة سوريا، الى اين تستدير بندقية “حزب الله”؟ ونحو من؟
قصارى القول، ان “حزب الله” قد يصير اكثر خطورة كلما اقترب موعد دفن جثة نظام بشار وانهيار سوريا الايرانية.
اننا ندخل مرحلة شديدة الخطورة على لبنان.
النهار – علي حماده