بعد عامين من الجدل المحتدم حول تطبيق آلياته، واعتراض كتل أوروبية على المشروع برمته، أعلن الاتحاد الأوروبي رسمياً “انتهاء” أو “توقف” برنامج تقاسم أعباء اللاجئين وتوزيعهم بين دوله الأعضاء.
ولن يعود طالبو اللجوء الذين يصلون إلى الشواطئ الإيطالية واليونانية معنيين اعتباراً من الأربعاء 04-10-2017 بحصص محددة لكيفية توزيعهم على دول الاتحاد الأوروبي. وتم اعتماد تدبير «الكوتا» في أيلول/سبتمبر 2015 في أوج أزمة الهجرة، وينتهي بذلك العمل باستثناء موقت لـ”نظام دبلن” الذي يحمل البلد الذي يصل إليه اللاجئ مسؤولية درس طلبه للجوء.
نتيجة مخيبة!
وبموجب هذا الاستثناء، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فقد تمت “إعادة إسكان” نحو 29 ألف شخص في دول أخرى من الاتحاد الأوروبي بعد نقلهم من اليونان وإيطاليا أي ما نسبته 18% من اللاجئين، وكان الهدف من هذا الاستثناء تخفيف عبء تدفق اللاجئين على هذين البلدين.
تبدو النتيجة متواضعة مقارنة مع الهدف الذي كان يقضي بإعادة توطين 160 ألف لاجئ على أساس “كوتا” لكل دولة أوروبية، مع العلم أن نحو مليون ونصف مليون لاجئ وصلوا إلى الشواطئ الأوروبية منذ عام 2015. لكن المفوضية الأوروبية ترفض الحديث عن فشل.
وتشير المفوضية الأوروبية إلى أن “إعادة الإسكان” لم ينته تماماً. لأنه إذا كان الواصلون الجدد غير معنيين بأي “كوتا” فإن “حوالي عشرة آلاف طالب لجوء من الذين وصلوا إلى إيطاليا واليونان قبل 26 أيلول قد ينقلون إلى دول أوروبية أخرى”.
توطين ذاتي!
في غضون ذلك، تم تحويل ثلث الـ160 ألف شخص الذين كان من المتوقع إعادة إسكانهم في دول أوروبية أخرى إلى برنامج آخر لاستقبال سوريين من الموجودين حالياً في تركيا. وتؤكد المفوضية الأوروبية أن غالبية الواصلين إلى إيطاليا لا يتناسب وضعهم مع المعايير المحددة لهذه الخطة التي انحصرت بالسوريين والإريتريين.
وأمام العوائق التي تحول دون بدء العمل بـ “Hot Spots” وهي مراكز لدراسة أوضاع الواصلين من المرشحين للهجرة أو اللجوء، وأمام قلة استعداد الدول لاستقبال لاجئين، فإن الكثير من المهاجرين أكملوا طريقهم إلى دول شمال أوروبا وقاموا بالتالي بـ”إعادة توطين” أنفسهم.
خلافات عميقة!
وفي حين كان الهدف من “إعادة إسكان” اللاجئين إظهار التضامن بين دول الاتحاد الأوروبي، فإن العكس هو الذي حصل، ونشبت خلافات كبيرة بين الدول الأعضاء حول الهجرة.
المفوضية الأوروبية التي كانت وراء هذا البرنامج وجهت، في حزيران/يونيو، الماضي تهماً لدول هنغاريا وبولندا والتشيك وسلوفاكيا، لأنها رفضت تطبيق نظام “الكوتا”، مع أن القضاء الأوروبي أكد طابعه القسري.
وقال رئيس الحكومة الهنغارية فيكتور أوربان: “لا نريد أن نصبح دول هجرة، ولا شعباً مختلطاً”، معتبراً أن “التأثير المسيحي” في المجتمع يتراجع.
وبسبب المشكلات التي تواجه “الكوتا”، يبدو أنه تم التخلي عن آلية دائمة لتوزيع الحصص. وما تعرضه المفوضية الأوروبية هو الإبقاء على الإجراء الذي يحمل الدولة التي تستقبل اللاجئ مسؤولية الاهتمام بملفه، ولكن مع إنشاء “آلية تصحيح” في حال حصل تدفق كبير للمهاجرين. وفي هذه الحال لا بد من فرض نوع من “التضامن” مع الدول التي تعاني أكثر من غيرها.
أسباب الفشل
تتعدد أسباب فشل البرنامج في تحقيق نجاح أكبر مما هو عليه. ومن هذه الأسباب، بحسب المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، أن الدول الأعضاء في الاتحاد لم تتقيد باللوائح والأنظمة بهذا الخصوص، كما أنها لم ترضَ بنصيبها من اللاجئين.
تحدَّت هنغاريا وسلوفاكيا وبولندا قرارات الاتحاد الأوروبي في محكمة العدل الأوروبية. فيما توقفت التشيك عن استضافة اللاجئين بعد استضافتها فقط لـ 12 لاجئاً، من أصل 2600 هم حصتها من اللاجئين.
تركيا والاتحاد الأوروبي
ترشح التقارير الأوروبية أن من أسباب فشل البرنامج تركيز الاتحاد الأوروبي على اتفاقية اللاجئين مع تركيا في السنتين الماضيتين، التي حدت من تدفق اللاجئين بشكل كبير إلى اليونان.
لكن الحديث عن استعاضة الاتحاد الأوروبي بالاتفاقية الموقعة مع تركيا، يصطدم بالخلافات المتزايدة بينهما، ويؤكد ذلك ما نشرته وكالة الأناضول الثلاثاء 03-10-2017 من تسجيل أكبر زيادة في أعداد اللاجئين الواصلين إلى الجزر اليونانية منذ عام 2016
وبلغ عدد اللاجئين الذين وصلوا الجزر اليونانية بعد رحلة محفوفة بالمخاطر عبر بحر إيجة خلال سبتمبر/أيلول المنصرم، أعلى مستوى منذ إبرام اتفاقية الهجرة بين تركيا والاتحاد الأوروبي عام 2016.
ووفقاً لبيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أصدرتها الثلاثاء 03-10-2017، بلغ عدد اللاجئين الذين وصلوا الجزر اليونانية خلال سبتمبر، أربعة آلاف و859 لاجئ، مبينةً أن هذا العدد يعتبر الأعلى منذ آذار/مارس 2016.
أورينت نت _