بالروح والدم «ننتخبك» يا بشار!
مع الإعلان الاستفزازي للانتخابات الرئاسية في سوريا وتوقع ترشيح بشار الأسد نفسه مجددا لدورة رئاسية أخرى وسط أكبر مذبحة يعرفها التاريخ المعاصر يقوم بها نظام مجرم بحق شعبه، يحق لنا استرجاع تاريخ إجرامي شارك الجميع في تكريسه لأنه فعلا يحقق شعار «بالروح والدم ننتخبك يا بشار»! وذلك بحجة المقاومة والممانعة. يا لها من سخرية مقززة وحزينة، كما كان مشهد تدخل الأسد و«غزوه» للجارة لبنان «مع» الغزو الإسرائيلي لها و«اشتراكهما» في القضاء التام على وجود المقاومة الفلسطينية وإخراجها تحت أمطار الرصاص إلى منفاها الجديد! قضى حافظ الأسد على الوجود المقاوم الفلسطيني لـ«يبدله» بمقاومة «دخيلة» وطائفية تتبع مشروعا إقليميا عنصريا، كانت بؤرة لفتنة قبيحة وكرست من فكرة لبنان «اللادولة» و«لبنان المحتل»، كما كانت فرعا لولاية الفقيه. وتكرس ذلك الأمر أيضا في موقفه المؤيد لإيران خلال حربها مع العراق. وطبعا لا يمكن إغفال حالة السكينة والتخدير الكلي الحاصلة على حدود هضبة الجولان «المحتلة» من قبل إسرائيل والمسلوبة من نظام يدّعي المقاومة والممانعة لم يطلق حجرا واحدا لتحريرها. والآن تستمر فصول المسرحية الهزلية الإجرامية بإعلان نظام مجرم يبيد في شعبه منذ ثلاث سنوات عن إطلاق انتخابات رئاسية في بلاد تدمر وشعب يباد. والطريف المضحك أن أول «المرشحين» الذي أعلن عن «رغبته» في الترشح لانتخابات الرئاسة كان نائبا في مجلس الشعب عن مدينة حلب، تلك المدينة التي تدك وتقصف بالبراميل المتفجرة (وذلك في لفتة خبيثة جدا من النظام أنه حتى المدينة التي ندكها يؤمن أهلها بالنظام «الديمقراطي» في سوريا الأسد!) حتى إن الصورة التي وزعت لـ«المرشح» أظهرته أمام صورة بشار الأسد نفسه في مشهد مسرحي يليق بإنتاج مسرحيات دريد لحام ومحمد الماغوط. سوريا التي حوّلها نظام بشار الأسد وأبيه حافظ إلى بلد هاجر منه أهله طوعا وقسرا، إلى وطن هو عبارة عن سجن هائل وكبير، إلى بلد لا يرويه إلا الخوف والذعر والتخوين والقلق، سوريا التي كانت أيقونة العرب والعروبة، تحولت إلى بؤرة الخيانة والتطرف الطائفي والمذهبي. لقد طبق بشار الأسد بشكل لفظي وحرفي الشعار الذي كان يرفع في جمهورية الخوف التي صنعها أبوه، بينما كان يرتعد الناس خوفا من انتقام مجرمي المخابرات وأجهزة القمع الأمنية ويصيحون بالروح والدم نفديك يا بشار (وقبله كان النداء يا حافظ). والآن ها هم سيتوجهون لانتخابه «بالروح والدم» المسلوبين قسرا وطوعا بالبراميل والرصاص و«الميغ» والصاروخ والدبابة والكيماوي. ولكن شعباً لا يزال يقاوم ويسخر من مجرم يحكمه، وكسر عنده حاجز الخوف، لا يمكن أن يهزم.
حسين شبكشي #الشرق #الأوسط