صحيفة لاكروا مقالا – كاميل غران، مدير المؤسسة الفرنسية للبحوث الاستراتيجية
تحدث الباحث وقال أن هذا الصراع الذي انطلق بمظاهرات سلمية ضد نظام بشار الأسد، في إطار سلسلة ثورات الربيع العربي، تحول إلى واحد من أكثر الصراعات دموية في القرن الواحد والعشرين، بعد أن تسبب حتى الآن في سقوط 250 ألف ضحية أكثر من نصفهم من المدنيين ومنهم 10 آلاف طفل.
هذا الصراع شهد استعمال الأسلحة الكيمياوية في عدة مناسبات، وخلف أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ، أدى تدفقهم على الدول المجاورة إلى خلق مشكلات عديدة لهذه الدول، على غرار لبنان والأردن وتركيا، كما كان هذا الصراع سببا في تشريد 6.5 مليون شخص عن منازلهم داخل سوريا، في بلد يبلغ عدد سكانه 22 مليونا.
هذه الثورة سرعان ما تحولت إلى حرب أهلية بالغة الدموية تدور رحاها بين عدة أطراف، ما جعل المراقبين يستبعدون أن تضع أوزارها في القريب العاجل، خاصة مع عدم وجود أي طرف قادر على حسم المعركة لصالحه.
أن قسوة النظام السوري وسياسة القمع الممنهج التي يمارسها، أدت إلى انحدار الفصائل المعارضة له نحو التطرف، وسهلت على التنظيمات الأكثر تشددا استقطاب المقاتلين من الدول العربية والغربية، ما أدى إلى ولادة المارد الذي يسمى (تنظيم الدولة).
النظام يبدو أكثر من أي وقت مضى مجرد بيدق في يد طهران، في ظل سيطرة ميليشيات حزب الله وضباط الجيش الإيراني على الوضع الميداني، وارتباط بقاء النظام ببقاء هذا الدعم الخارجي.
قال أن الحلول الدبلوماسية تبدو بعيدة، وأن الصراع يسير شيئا فشيئا على خطى حرب الثلاثين سنة التي شهدتها أوروبا خلال القرن السابع عشر وعصفت بالتحالفات والحدود القائمة. كما أشار إلى معاناة المدنيين الذين يعانون الحرمان من أبسط المساعدات الإنسانية، وتعمقت معاناتهم بسبب دموية بعض الأطراف والنظام السوري.
وأضاف أن هذا المقترح تم تقديمه عدة مرات من قبل الوسطاء الدوليين، ولكنه اصطدم برفض بشار الأسد الذي لم يعط أي إشارة على استعداده للتخلي عن السلطة طالما أن حلفاءه يدعمونه. كما رأى الكاتب أن تنظيم الدولة ليس معنيا بهذا المسار أيضا، لأن “أيديولوجيته المتطرفة لا تتماشى مع التسويات السياسية”، فيما تعاني المعارضة من الضعف والانقسام بين شقيها الإسلامي والعلماني.
وخلص كاميل غران إلى أن الخيار الوحيد الذي يبدو منطقيا هو اعتماد خطة ثلاثية طويلة المدى، تتمثل في إضعاف تنظيم الدولة، بالتزامن مع تدعيم قدرات المعارضة المعتدلة، والبحث عن وسائل لعزل النظام وحرمانه من الدعم الخارجي.