لا تشي الصفحة الشخصية على موقع “فايسبوك” الخاصة بالراقص السوري – الفلسطيني، حسن رابح، بأن صاحبها سيقدم على الانتحار. ثمة مواقف سياسية ناقدة للأوضاع السائدة من سورية إلى فلسطين مروراً بلبنان. فقد جمع حسن، كأي سوري من أصل فلسطيني، بين العداء لإسرائيل ولنظام الأسد، وأضاف احتقاراً للممارسات العنصرية ضد السوريين والفلسطينيين في لبنان.
ووفقاً لهذا البروفايل، فحسن لا يملك دوافع عامة، تختلف عن بقية السوريين، للإقدام على فعل الانتحار، أي أن انتحاره ليس له أساس اعتراضي. ذلك أن أي واحد منا يكتب على صفحته يومياً الكثير مما سجله حسن، انطلاقاً من مواقف سياسية لا نمل تكرارها. أما قرار الانتحار فمرده مطارح أخرى لا يمكن كشفها بسرعة، لارتباطها بفردية المنتحر وخصوصيته، وأمسى فعل الانتحار نفسه جزءاً منها. ولعل إخراج البعض الحادثة مما هو خاص، وزجها في سياقات عامة عن اضطهاد السوريين والفلسطينيين في لبنان، ينتزع من حسن جزءاً من فرديته، ويسقط عنه مشروعية الانتحار، الذي أراده جوانياً، لا يرمي إلى احتجاج عمومي يتوسل قضايا كبرى وثورات.
تأثيرات الخارج، بما تحمل من حروب وقتل وظلم وتشريد، ساهمت في تشكيل وعي حسن الفردي، كأي فرد معني بمحيطه، لكنها لم تكن شرطاً لخطوة الانتحار التي تتصاعد أسبابها غالباً من داخل الذات احتجاجاً على الذات نفسها، بكل ما تحمل من تناقضات وتعقيدات. ما يعني أن الخارج جزء يفرز تأثيرات وليس كلاً يؤسس للفعل الانتحاري.
الربط السريع بين قرار حسن الفردي والأحوال المأسوية لبلده، والبلد الذي يقيم فيه، يكشف إلغاء فردية السوري وزجه في سياقات سياسية عامة. واللافت أن هذا التوجه جاء من مؤيدي الثورة، الذين لم يتنبهوا إلى أن إقصاء الفردي، وتوسيعه إلى العام، لعبة بعثية استخدمها النظام السوري سابقاً، ليحوّل شعبه قطيعاً يتحرك بنوازع مشتركة، بدل أن يكونوا أفراداً لديهم خيارات مختلفة. فالفرد يجب أن يموت فداء للوطن و “القائد”، أما أن يموت بقرار شخصي فهذا منبوذ ومدعاة للسخرية في بلاد القسوة البعثية.
لقد أراد هؤلاء أن يموت حسن من أجل القضية ومآلاتها، بمفعول ضدي، بينما اختار هو أن يموت لأجل نفسه. أرادوه خليل حاوي الثورة السورية، وأراد هو أن يكون حسن، فقط حسن، الراقص الشجاع، الذي يملك قرار موته.
الحياة