مع زخم الحشد لتنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار في سوريا بموجب اتفاق بين موسكو وواشنطن اللتين اقرتا بصعوبة المهمة والذي لم يتبق لتنفيذه سوى بضع ساعات، قصفت الطائرات الحربية السورية والروسية بشكل عنيف الجمعة معاقل الفصائل المقاتلة في مناطق عدة في البلاد أطراف الصراع، فيما ينذر بانهيار الهدنة في اية لحظة.
وفي مؤشر على صعوبة تنفيذ هذا الاتفاق في سوريا، دعا زعيم جبهة النصرة ابومحمد الجولاني الجمعة الفصائل المقاتلة الى رفض هذه الهدنة التي وصفها بـ”المذلة”.
وخلال الايام الثلاثة الماضية، اعلنت كل من دمشق وحوالى مئة فصيل مقاتل فضلا عن وحدات حماية الشعب الكردية الالتزام بالاتفاق الاميركي الروسي الذي سيدخل حيز التنفيذ منتصف ليل الجمعة – السبت ومن دون ان يشمل “تنظيم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) وبقية المنظمات الارهابية التي حددها مجلس الامن”.
وبحكم ذلك يحق للنظام السوري والطائرات الروسية والتحالف الدولي بقيادة واشنطن مواصلة استهداف مواقع تلك الجماعات التي تسيطر على نصف الاراضي السورية.
وقبل ساعات على وقف الاعمال العدائية، شنّت الطائرات الحربية الروسية والسورية غارات مكثفة على معاقل الفصائل الاسلامية والمقاتلة في محافظات سورية عدة.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبدالرحمن “نفذ الطيران الروسي ضربات مكثفة اكثر من العادة منذ مساء الخميس ولغاية صباح الجمعة وخاصة في الغوطة الشرقية لدمشق وفي ريف حمص الشمالي (وسط) وفي ريف حلب الغربي (شمال)”.
وبحسب عبدالرحمن فان “الغارات كانت اكثف من المعتاد وكأنما يريدون (الروس والنظام) اخضاع مقاتلي الفصائل في هذه المناطق او تسجيل نقاط قبل دخول الاتفاق حيز التنفيذ”.
واستهدفت 25 غارة على الاقل الغوطة الشرقية معقل فصيل جيش الاسلام الممثل في الهيئة العليا للمفاوضات التي تضم اطيافا واسعة من المعارضة السورية وتم الاعلان عنها من الرياض.
كما قصفت الطائرات الروسية حي جوبر الواقع شرق دمشق، حيث تتواجد جبهة النصرة.
وقصفت الطائرات الحربية السورية بالبراميل المتفجرة مدينة داريا معقل الفصائل المقاتلة في الغوطة الغربية لدمشق، وفق المرصد.
وتعد داريا مثلا على صعوبة تطبيق اتفاق وقف الاعمال العدائية، اذ اكد الاربعاء مصدر عسكري سوري ان داريا غير مشمولة بالاتفاق “لأن جبهة النصرة أحد الفصائل المقاتلة” فيها.
الا ان الهيئة العليا للمفاوضات اكدت في بيان عدم وجود اي فصيل “ارهابي” في المدينة، محذرة من قصفها بعد بدء تنفيذ الاتفاق.
ويطرح استثناء جبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا من الاتفاق تساؤلات جمة حول سبل تنفيذه خاصة لانتشارها في محافظات عدة، غالبا في تحالفات مع فصائل مقاتلة معظمها اسلامية.
وقال ابومحمد الجولاني الجمعة للسوريين والمقاتلين “احذروا خديعة الغرب واميركا واحذروا مكر الرافضة والنصيرية فالجميع يدفعكم للعودة لعهد الطاغية نظام الاسد الظالم”، واصفا الهدنة بـ”المذلة والمخزية” مع النظام السوري.
وتوجه الجولاني الى الفصائل المقاتلة بالقول “يا جند الشام شدوا عزائمكم وقووا ضرباتكم ولا تخيفكم حشودهم وطائراتهم”.
واعلنت الهيئة العليا للمفاوضات الجمعة عن التزام 97 فصيلا “بهدنة مؤقتة تستمر مدة أسبوعين”.
عملية صعبة
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة “اننا نفهم وندرك تماما انها ستكون عملية صعبة بل حتى متناقضة ربما، لكن لا بديل عن السير في اتجاه تسوية سلمية”.
واشار الى ان وقف اطلاق النار يهدف الى “الدفع في اتجاه تسوية سياسية للنزاع وتوفير الظروف من اجل ان تبدأ مثل هذه الالية”.
واكد بوتين عزمه على مواصلة استهداف تنظيم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة و”منظمات ارهابية اخرى” يصنفها مجلس الامن الدولي كذلك، “بلا هوادة”.
وكان الرئيس الاميركي باراك اوباما اكد الخميس ان الايام المقبلة ستكون “حاسمة” بالنسبة لسوريا محذرا النظام السوري وحليفته روسيا من ان العالم سيراقب بانتباه احترام تعهداتهما بشأن وقف الاعمال القتالية.
اجتماع لبحث تدابير الهدنة
وبدأ فريق عمل لوقف الاعمال القتالية يضم ممثلين عن الدول الـ17 المشاركة في المجموعة الدولية لدعم سوريا بقيادة واشنطن وموسكو، اجتماعا بعد ظهر الجمعة للبحث في تدابير وقف اطلاق النار.
ويأتي ذلك قبل عقد الموفد الدولي الى سوريا ستافان دي ميستورا اجتماعا عبر الفيديو مع مجلس الامن الدولي يقرر بعده ان كانت الظروف متوافرة لاستئناف مفاوضات السلام في جنيف.
ويجري الاجتماع اثر مفاوضات مكثفة منذ 19 فبراير/شباط بين الاميركيين والروس الذين يتشاركون رئاسة مجموعة الدعم، من اجل وقف الاعمال العدائية في النزاع المستمر منذ 5 سنوات.
وعلقت الأمم المتحدة المفاوضات بين نظام دمشق ومختلف فصائل المعارضة في مطلع فبراير/شباط بسبب هجوم شنه الجيش على المعارضين مدعوما من الطيران الروسي.
وشككت تركيا بدورها بصمود وقف اطلاق النار، وهي التي دعت الى استثناء حزب الاتحاد الديمقراطي، ابرز حزب كردي سوري ووحدات حماية الشعب ذراعه المسلحة، اذ تصنفهما بـ”المنظمات الارهابية”.
واكد المتحدث باسم الرئاسة التركية ابراهيم كالين ان بلاده تحتفظ بإمكانية اتخاذ اجراءات اضافية ضد الاكراد ولم يستبعد ضربات جوية.
وتستهدف المدفعية التركية منذ عشرة ايام مواقع الاكراد في ريف حلب الشمالي اذ تخشى انقرة اقامة حكم ذاتي كردي قرب حدودها.
وبرز تعاون تركي سعودي خلال الفترة الاخيرة، انعكس الجمعة بوصول اربع طائرات سعودية مطاردة من نوع اف-15 الى قاعدة انجيرلك الجوية (جنوب) والتي يستخدمها التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية.
ميدل ايست أونلاين