“لا تدع غيرك يلوّن حياتك.. فربما ذلك الشخص لا يملك بيده سوى قلم أسود” تلك كلمات الشاب أنس (25 عاماً) من ريف إدلب، لقد دفعه حماس الشباب وحاجته الماسة للعمل، فهو المعيل الوحيد لأمه وأخوته الصغار، اعتقل الده المسن اعتقالا تعسفيا على إحدى الحواجز، كانت تهمة الإرهاب والانتماء للمسلحين. هذا ما أجبره على تأمين عمل وظيفي في إحدى المنظمات الخيرية المنشرة في إدلب المدينة رغم استهداف النظام لها بالطيران الروسي والبراميل المتفجرة…
“لقمة العيش- كما يقول- مغمسة بالدم” لكن بعد توصل المفاوضات بين المعارضة السورية المسلحة من جهة وقوات النظام وحزب الله من جهة أخرى، إلى مسودة اتفاق هدنة لوقف المعارك في مدينة الزبداني بريف دمشق وقريتي كفريا والفوعة المواليتين للنظام بريف إدلب، انكسر قليلاً حاجز الخوف من الطيران وعاد النشاط والحيوية للأغلبية من السكان بأمل دوام تللك الهدنة .
تقول أم أنس” عند سماعي بالهدنة لم أتوان عن توضيب أشيائي وحاجات أبنائي وما نستطيع حمله من بيتنا المتواضع فقد أصبح بمقدوري العيش مع ابني محمد في المدينة …آه على قلب الأم كنت كثيرة القلق عليه من الطيران…أه الحزن يجلب الحزن على قولة الجدة”
لكن تخوف الأهالي من اختراق الهدنة جعلهم حذرين من الانخراط في الأسواق وأماكن التجمعات، فالهدنة لا تشمل مناطق تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة ،حيث تعد مدينة إدلب المركز الأساسي لجبهة النصرة بعد أن تمكنت من السيطرة على الريف والمدينة بعد معارك عنيفة مع النظام ضمن تشكيلات جيش الفتح الذي يضم العديد من الفصائل الإسلامية أهمها حركة أهل الشام.
أبو علاء تاجر للألبسة من مدينة إدلب يقول” على الرغم من حدوث بعض الخروق للهدنة، إلا أن هناك انخفاضاً ملحوظاً في عدد الغارات الجويّة الأمر الذي أفسح المجال أمام عودة النشاط لأهالي المدينة من جديد” كما ويكشف لنا جاره الذي يملك مخزناً كبيراً للمواد الغذائية” في الآونة الأخيرة زاد عدد الزبائن كما أصبحنا نشاهد العديد من الوجوه الغريبة القادمة إلى إدلب كونها مستقرة نسبياً أغلبيتهم نازحين ومجاهدين ولديهم رغبة قوية لشراء السلع التي نحرص على تأمينها من المناطق الحدودية (سرمدا)والمتوفرة بكثرة” كما وعادت التظاهرات للريف فقد وجدوا فرصة ليسمعوا صوتهم للعالم، وليقولوا مجدداً…الثورة مستمرة.
وطبعاً كون مدينة إدلب، مدينة زراعية باتت سوقاً رائجاً لتصريف الخضراوات والمنتجات الحيوانية والمحاصيل الموسمية زادت في دخل الأهالي وتخطيهم لجزء من أعبائهم الاقتصادية الي فرضتها حرب النظام وأتباعه، ولأن الفرح يأتي متتابعاً….عليك أن تبتسم والحياة لا تتوقف رغما الألم… عليك أن تسعى دائماً للأفضل فالحاجة الماسة للحياة من أجل من بقي من الأهل ولإعمار الوطن حاجة ملّحة للاستمرار والتفاؤل والعطاء زرعوا أجدادنا فأكلنا….ونزرع نحن ….فيأكل أحفادنا.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد