بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
إلى أبناء الشعب السوري الأبي
أقف أمامكم اليوم بقلب ملؤه الأمل والعزيمة، موجها كلمتي إلى كل السوريين والسوريات، إلى من يعيشون في مخيمات التهجير، إلى النازحين واللاجئين، إلى الجرحى والمصابين، إلى عائلات الشهداء والمفقودين، إلى الناشطين الثوار الذين كرسوا حياتهم للنضال من أجل سوريا الحرة.
أقف أمامكم اليوم بعد أربعة وخمسين يومًا من تحررنا جميعًا، تحرر سوريا من قيود نظام مجرم جثم على صدورنا لعقود ، أربعة وخمسون يومًا مرت على زوال أربعة وخمسين عامًا، من أحلك أشكال الحكم الاستبدادي في العالم أجمع. تحررت سوريا بفضل الله أولاً ثم بفضل كل إنسان ناضل في الداخل والخارج، كل إنسان ضحى بروحه ودمه ومنزله وماله وأمنه وأمانه، تحررت سوريا بالشهداء والمعتقلين والمعتقلات والمعذبين والمعذبات والمفقودين والمفقودات وجميع أمهاتهم الثكالى وأهلهم المكلومين.
بسبب تضحياتهم وتضحياتكم جميعًا أقف هنا اليوم، لنفتح معًا فصلًا جديدًا في تاريخ بلدنا الحبيب. انطلق هذا النصر من حناجر المتظاهرين وهتافات المحتجين في الساحات والميادين.
انطلق من أنامل حمزة الخطيب وأهازيج المظاهرات وآهات المعتقلين والمعذبين في أقبية تدمر وصيدنايا وفرع فلسطين.
واستمر بتضحيات الثوار الذين حرروا أرض سوريا رغم سنوات من عذابات الصواريخ والبراميل والكيماوي، فلم ينثنوا ولم ينكسروا.
أيها الأخوة والأخوات
تسلمت بالأمس مسؤولية البلاد وذلك بعد مشاورات مكثفة مع الخبراء القانونيين لضمان سير العملية السياسية ضمن الأعراف القانونية، وبما يمنحها الشرعية اللازمة. ومن هنا أخاطبكم اليوم بصفتي رئيسًا لسوريا في هذه الفترة المصيرية سائلًا الله أن يوفقنا جميعًا للنهوض بوطننا وتجاوز التحديات التي نواجهها، ولن يكون ذلك إلا بتكاتف الجميع شعبًا وقيادة.
أحدثكم اليوم، لا كحاكم بل كخادم لوطننا الجريح، ساعيا بكل ما أوتيت من قوة وإراده لتحقيق وحدة سوريا ونهضتها. مستصحبين جميعًا أن هذه مرحلة انتقالية وهي جزء من عملية سياسية تتطلب مشاركة حقيقية لكل السوريين والسوريات في الداخل والخارج لبناء مستقبلهم بحرية و كرامة دون إقصاء أو تهميش.
وسنعمل على تشكيل حكومة انتقالية شاملة تعبر عن تنوع سوريا برجالها ونسائها وشبابها، وتتولى العمل على بناء مؤسسات سوريا الجديدة، حتى نصل إلى مرحلة انتخابات حرة نزيهة واستنادًا لتفويض بمهامي الحالية وقرار حل مجلس الشعب، فإنني سأعلن عن لجنة تحضيريهة لاختيار مجلس تشريعي مصغر يملأ هذا الفراغ في المرحلة الانتقالية.
وسنعلن في الأيام القادمة عن اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني والذي سيكون منصة مباشرة للمداولات والمشاورات واستماع مختلف وجهات النظر حول برنامجنا السياسي القادم ، وبعد إتمام هذه الخطوات سنعلن عن الإعلان الدستوري ليكون المرجع القانوني للمرحلة الانتقالية.
سنركز في الفترة القادمة على رسم أولوياتنا ضمن الآتي. تحقيق السلم الأهلي وملاحقة المجرمين الذين ولغوا في الدم السوري وارتكبوا بحقنا المجازر والجرائم سواء ممن اختبوا داخل البلاد أو فروا خارجها، عبر عدالة انتقالية حقيقية. إتمام وحدة الأراضي السورية، كل سوريا وفرض سيادتها تحت سلطة واحدة وعلى أرض واحدة.
وبناء مؤسسات قوية للدولة تقوم على الكفاءة والعدل، لا فساد فيها ولا محسوبية ولا رشاوى. وإرساء دعائم اقتصاد قوي يعيد لسوريا مكانتها الإقليمية والدولية، ويوفر فرص عمل حقيقية كريمة لتحسين الظروف المعيشية واستعادة الخدمات الأساسية المفقودة.
يا أبناء سوريا الحرة، إن بناء الوطن مسؤوليتنا جميعًا، وهذه دعوة لجميع السوريين للمشاركة في بناء وطن جديد يحكم فيه بالعدل والشورى معًا. سنصنع سوريا المستقبل ، سوريا منارة العلم والتقدم وملاذ الأمن والاستقرار، سوريا الرخاء والتقدم والازدهار، سوريا التي تمد يدها بالسلام والاحترام ليعود أهلها إلى وطن عزيز كريم مزدهر آمن مطمئن بإذن الله.
والحمد لله رب العالمين
دمشق في 30.01.2025