ضيق في مساحة المراعي وقلة تنوعها، انقطاع في مادة السكر، ضعف في الإقبال، وصعوبة التصدير، كل هذا وغيره من الأسباب أدى إلى التراجع في مهنة تربية النحل شمال سوريا.
يقول النحّال “أبو محمد” النحل اليوم خلايا “فنية”, تنتج أكثر من أربعة أضعاف الخلايا العادية العربية “الزمر”, التي لا يتجاوز إنتاجها أربعة كيلو غرام في الموسم، ويقدر سعر الخلية بعشرين دولار، أما الأجنبية تتجاوز المائة في بعض الأحيان.
وأهم أنواع النحل الأجنبية المنتشرة في الشمال “اللوغاستيكا، بيكفاست، الألماني” ويتمايز النحل باللون والحجم.
أرباحه للركبة وديونه للرقبة:
يقول عمر المجيد نازح شمال حلب “نعم كانت مهنتي، وبعت الشهر الفائت آخر خمسين خلية نحل “عربي”، وعشرين “أجنبي”، خسارة في النقل، وخسارات في الإطعام، وأدوية في ظلّ غياب شبه تام عن دعم النحالين، وغياب التوعية ومواكبة الجديد، والاستفادة من الخبرات، ولم أقطع ولا كيلو غرام عسل، كان إنتاجي يتعدى المائتي كيلو غرام سنويّاً، يعني بالمختصر “أرباحه للركبة، وديونه للرقبة”.
https://www.facebook.com/syrianpresscenter/videos/460968595831900/?extid=WA-UNK-UNK-UNK-UNK_GK0T-GK1C&ref=sharing
خسائر في الموسم الحالي:
والمشكلة ليست فردية، فالنحل يحتاج لتنقيل كثير يقول المربي وتاجر نحل وعسل “نادر المحمد” تكاليف التنقل بين الريف الغربي من مناطق الجسر وسلقين, إلى الريف الشرقي صارت مكلفة وكثيرة وعبء, إضافة لما شهده الموسم الماضي من برد قارس أدى لموت كثير من الخلايا، ومحل ضرب ريف حلب الشمالي، كنا نبحث فيها عن مراعي الشوكيات، مثل الجيجان وحبة البركة والكزبرة، عرض الكثير من المربين لخسائر كبيرة، وتراكم ديون، إثر تكاليف الإطعام، السكر والدواء والتنقل فضلاً عن موت النحل، بسبب البرد وهجمات المرض.
أمراض وبيطرة:
يقول الدكتور البيطري” محمد نعسان” إنّ أهمّ ما نعاني منه ضعف ثقافة الطبابة عند المربين، وإهمال جوانب عديدة، وهذا ما يعرض النحل لموت جماعي بسبب العدوى، وآفات كثيرة، منها ما يداوى بالأعشاب مثل “الشيح والكينا”.
ويتعرض النحل لعدة أمراض منها الفطرية والبكتيرية، وأهم الأمراض “الفاروا” ما يعرف ب” القراد”، وينتقل أغلبه عن طريق مياه الشرب، ويعالج بالشرائح الكيميائية وغيرها من الأعشاب.
ومرض النوزيما، وهو طفيلي يعيش في أحشاء النحلة، يسبب تلف وتقصف بالأجنحة، ومرض العثة، وننصح بالعلاج الطبيعي أكثر من الكيميائي، مثل مناقيع “الزعتر والشيح” والتدخين ب”الكينا والتبغ”.
ولنحصل على منتوج جيد ونحل قوي، ننصح بتقوية التغذية الصحيحة، وتنوع المراعي واستخدام المعالجات بشكل دقيق وصحيح.
https://www.facebook.com/syrianpresscenter/videos/902611191129318
نقابة النحالين:
وفي لقاء مع نقيب النحالين في الشمال”حمدو موسى سلات”، ذكر أن الإنتاج من العسل لا يتناسب مع عدد وطوائف النحل في الشمال، وعرج على أهم العقبات والتحديات التي تواجه الإنتاج والمربين بشكل عام، وذكر أنّ المبيدات الحشرية هي الشبح المخيف لمربي النحل.
فتعرض النحل لخسائر كبيرة بآخر سنتين في العدد والإنتاج والمرض، بسبب عدم ترشيد استخدام المبيد الحشري في الأراضي الزراعية، ناهيك عن ضرر هذه المبيدات على الانسان والحيوان والبيئة، حسب وصفه.
كما ذكر غياب شركات تصدير منتجات النحل كالعسل لخارج المناطق المحررة، وغياب الدعم النقابي لتثقيف المربين بآخر مستجدات النحل، من أنواع وأمراض وتكثيف الإنتاج، كما ذكر ارتفاع سعر السكر الذي يستخدم كعلف عندما تقل المراعي.
انكماش في مناطق الرعي:
كانت منطقة ريف حماه الغاب والشرقي منها تساعد نحالة الشمال، لكثرة المراعي والمياه وتنوع المراعي بين شوكيات ويانسون، وشجريات، ولكن بسيطرة النظام في حملته الأخيرة على تلك المنطقة، فقدت المنطقة مخزونًا كبيرًا من المراعي.
وحسب ما ذكر مصطفى أبو أسامة “بخروجنا من منطقة جرجناز تركنا ما تركناه هناك خلفنا من الخلايا، بسبب القصف العشوائي من ميلشيات النظام ، لننجو بأرواحنا، وأكثر ما فقدناه مراعي تلك المنطقة، وهذا ما اضطر الكثير من النحالين لبيع الخلايا، أو إهمالها فمات الكثير من النحل.
https://www.facebook.com/syrianpresscenter/videos/444799267093140
تحديات أخرى:
عامل التصدير والاستيراد أهم العوامل التي واجهت النحالين بشكل عام في المواسم الأخيرة، فالتصدير خارج المنطقة عبارة عن كميات قليلة جداً، تكاد لا تذكر، بسبب غياب جهة رسمية، والاستيراد بسبب ما يعانيه المربون عند شراء الملكات الأجنبية من خارج سوريا.
هذا ما قاله النحال أبو محمد، وأردف أن تكلفة الملكة الأجنبية، أكثر من خمسمائة دولار للملكة الواحدة، ونستخدمها في تهجين الخلايا، وكثيراً ما تتعرض هذه الملكات للسرقة أو الموت أو الاستبدال بنوعيات أخرى، في ظلّ غياب الرقابة وحماية النحالين.