قالت الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة الرئيسية في سوريا الجمعة، إنها “ستشارك في جولة المفاوضات المرتقبة في جنيف يوم الاثنين” لكنها قللت من فرص التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية.
وذكر بيان للهيئة أن “جهد الوفد المفاوض سيركز على إنشاء هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية والتمسك بوحدة الأراضي السورية”.
وأضاف البيان أن الحكومة السورية تعد لتصعيد جوي وبري في الفترة المقبلة دون أن يسهب في التفاصيل.
وأوضحت الهيئة أنها ستشارك في جولة المفاوضات القادمة “بناء على التزامها بالتجاوب مع الجهود الدولية المخلصة لوقف نزيف الدم السوري وإيجاد حل سياسي للوضع في سوريا”.
واشارت إلى أن “جهود الوفد المفاوض ستتركز على الأجندة التي وضعتها الهيئة بناء على بيان جنيف 2012 وغيره من القرارات الدولية في ما يتعلق بإنشاء هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية وإقامة نظام تعددي يمثل كافة أطياف الشعب السوري، دون أن يكون لبشار الأسد وأركان ورموز نظامه مكان فيه أو في أية ترتيبات سياسية قادمة”.
واعلن مبعوث الامم المتحدة الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا الاربعاء ان جولة جديدة من المفاوضات بين ممثلين عن النظام السوري والمعارضة ستتم في جنيف بإشراف الامم المتحدة بين 14 و24 مارس/اذار.
وقال ان هذه الجولة سيليها “توقف لمدة اسبوع الى عشرة ايام وان المحادثات ستستأنف بعدها”.
ويعتبر مصير الاسد نقطة خلاف محورية بين طرفي النزاع والدول الداعمة لكل منهما، إذ تتمسك المعارضة باأن لا دور له في المرحلة الانتقالية، بينما يصر النظام على ان مصير الاسد يتقرر فقط من خلال صناديق الاقتراع.
واوضح دي ميستورا قبل اسبوع ان الشعب السوري وليس الاجانب، هو من يقرر مصير الاسد. وقال “الا يمكننا ان نترك السوريين ليقرروا ذلك في الواقع؟”.
وشددت الهيئة من جهة اخرى على انها “لا تضع أي شروط مسبقة للمشاركة في المفاوضات” مكررة تمسكها بتنفيذ المواد 12 و13 و14 من قرار مجلس الأمن رقم 2254، والتي ينص ابرزها على وقف الهجمات ضد المدنيين ورفع الحصار عن المناطق المحاصرة وادخال المساعدات الانسانية بالإضافة الى اطلاق سراح المعتقلين.
وبحسب بيان الهيئة، فإن “الهدنة لم تكن كفيلة بتحقيق هذه البنود” متهمة النظام وحلفاءه “بمحاولة فرض شروط مسبقة”.
وقال المنسق العام للهيئة رياض حجاب “لسنا بصدد اختبار نوايا النظام وحلفائه لكننا معنيون في الوقت نفسه بتمثيل القضية العادلة للشعب السوري في الأروقة الدولية، واستثمار كافة الفرص المتاحة للتخفيف من معاناة الشعب السوري”.
وتشهد سوريا منذ اسبوعين وقفا غير مسبوق للأعمال القتالية، تم التوصل اليه بموجب اتفاق اميركي روسي مدعوم من الامم المتحدة.
ويستثني الاتفاق اكثر من خمسين بالمئة من الاراضي السورية وهي مناطق يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة الفرع السوري لتنظيم القاعدة.
هجوم واسع على تدمر
وفي تطور آخر قال مصدر قريب من الحكومة السورية إن الجيش السوري مدعوما بغارات جوية روسية يسعى لانتزاع مدينة تدمر التاريخية من تنظيم الدولة الإسلامية ليفتح لنفسه طريقا صوب محافظة دير الزور الشرقية في هجوم بدأ بالفعل هذا الأسبوع.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن سلاح الجو الروسي قصف تدمر عشرات المرات منذ الأربعاء الماضي.
وتقاتل القوات الحكومية السورية الجمعة متشددي الدولة الإسلامية على بعد نحو سبعة كيلومترات من الموقع الأثري الذي سقط في أيدي الجهاديين في مايو/أيار 2015.
ووصف رامي عبدالرحمن مدير المرصد العملية بأنها هجوم واسع النطاق لاستعادة السيطرة على المنطقة.
وقال المصدر القريب من الحكومة إن الهدف هو “السيطرة على الطريق الواصل من تدمر إلى دير الزور.”
ونسف متشددو الدولة الإسلامية معابد ومقابر أثرية منذ سيطرتهم على تدمر ووصفت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) ذلك بأنه جريمة حرب.
وتقع تدمر عند مفترق طرق في منطقة معظمها صحراوي.
ومنذ أن تدخل سلاح الجو الروسي لدعم الأسد في سبتمبر/أيلول 2015 مال الميزان العسكري لصالحه. وانتقدت دول غربية موسكو لأنها توجه غالبية ضرباتها الجوية لقوات المعارضة في غرب سوريا لا إلى تنظيم الدولة الإسلامية.
واستعادة تدمر والتقدم شرقا في محافظة دير الزور التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية سيكون أهم نصر تحققه الحكومة في مواجهة الدولة الإسلامية منذ التدخل الروسي.
وبمساعدة روسيا انتزعت دمشق فعلا بعض الأراضي من الدولة الإسلامية أهمها مناطق إلى الشرق من حلب.
دعوة لمحاكمة مجرمي الحرب
من جهة أخرى اكد سيرج براميرتز كبير مدعي محكمة جرائم حرب يوغسلافيا الجمعة انه يجب محاكمة مرتكبي الفظائع في سوريا مع دخول النزاع في ذلك البلد عامه السادس.
و قال “بوصفي مدعي دولي وشخص يؤمن بالعدالة، فإنني أرى انه من الواضح ضرورة محاسبة المسؤولين عن ارتكاب جرائم في سوريا اجلا ام عاجلا”.
واضاف في مقابلة في مقره في لاهاي “وقع عدد اكبر من الضحايا في النزاع الذي هو اطول من الحرب في يوغسلافيا التي اقيمت لها محكمة خاصة ولا تزال موجودة منذ عشرين عاما”.
واندلعت الاحتجاجات ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد في 15 مارس/اذار 2011 وتحولت الى اعمال عنف ادت الى مقتل نحو ربع مليون شخص وتشريد نحو نصف عدد السكان البالغ 23 مليون نسمة.
وأقر براميرتز بأن جمع ادلة لاستخدامها في اية محاكمة سيكون “امرا صعبا جدا جدا” نظرا لعدم امكانية دخول المواقع في سوريا.
وفي فبراير/شباط دان تقرير للأمم المتحدة جرائم الحرب المنتشرة في سوريا واكد على ضرورة محاسبة مرتكبيها في اطار عملية السلام.
وأنشأت محكمة جرائم الحرب الدولية ليوغسلافيا السابقة في 1993 وسط النزاع في ذلك البلد، لمحاسبة المسؤولين عن سفك الدماء في الحرب التي اودت بحياة ما يزيد عن 140 الف شخص وتشريد اكثر من اربعة ملايين اخرين.
ولم يتحدث براميرتز عن تفاصيل اية محكمة يتم تأسيسها لمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب في سوريا، الا انه اكد انها يجب ان “ترتكز على نهج متكامل وتشتمل على الطرفين الوطني والدولي”.
وتحدث عن ضرورة ايجاد “حل دولي” وقال “لا اعتقد ان اي بلد يكون قادرا بعد مروره بمثل هذا النزاع العنيف، من ان يجد حلا من خلال هياكله القانونية فقط”.
ميدل ايست أونلاين