وأحدثت الجريمة، التي ارتكبها النظام في مدينة خان شيخون، بداية تحوّل جذري في الموقف الأميركي تجاه ما يجري في سورية، ما قد يؤدي في الأيام القليلة المقبلة إلى تغيير كبير في طريقة تعاطي المجتمع الدولي برمته مع الملف السوري، تنهي سنوات من المراوحة في المكان.
وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قد أكد، أمس الأربعاء، أن موقفه تجاه سورية، ورئيس النظام بشار الأسد قد تغير بعد الهجوم الكيماوي في خان شيخون.
ووصف ترامب الهجوم بـ”المروع والرهيب والوحشي، واستهدف أبرياء من النساء والأطفال وحتى الرضع”، مشدداً على أن الهجوم “تجاوز خطوطا حمراء كثيرة لديه”.
وفي شأن متصل، اعتبر المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية، رياض نعسان آغا، في حديث مع “العربي الجديد”، أن تصريحات ترامب “جيدة”، مبيناً أنها “عبّرت عن تعاطف قوي”. وأعرب عن اعتقاده أن ترامب “ليس كالرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الضعيف”، وفق تعبيره.
واستغل النظام وحلفاؤه تردد إدارة الرئيس السابق أوباما من أجل تصعيد وتيرة الصراع في سورية، متجاوزين خطوطاً حمراء وضعتها، ما أدى إلى مقتل، واعتقال، وتشريد ملايين السوريين، وتحويل بلادهم إلى ميدان صراع إرادات إقليمية، ودولية، وهو ما شجّع على ظهور تنظيمات راديكالية يتخذ منها النظام، وحليفاه الروسي والإيراني ذريعة لكسر إرادة السوريين، وفرض حلول سياسية تعيد إنتاج النظام، بحسب مراقبين.
وأضاف أن “آخر اهتمامات الدول سورية وأهلها”، معرباً عن قناعته بأن الإدارة الأمركية تبني موقفها من سورية وفق المصالح الإسرائيلية.
ولم يقتصر تحرك المعارضة على الجانب الأميركي، إذ قصد عاصمة الاتحاد الأوروبي بروكسل وفد من الائتلاف الوطني السوري لمطالبة المسؤولين الأوروبيين بموقف داعم لـ”محاكمة مرتكبي المجزرة، وملاحقة المسؤولين عن ذلك، والعمل على استصدار قرار من مجلس الأمن وفق الفصل السابع”، وفق مصادر في الائتلاف.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق أوباما، قد عطّلت الموقف الأوروبي حيال القضية السورية، وحصرت الجهود الأوروبية في المجال الإنساني، واستقبال لاجئين.
ومن المتوقع، أن تضغط دول في الاتحاد الأوروبي لبلورة موقف غربي مناهض لموقف روسيا الذي يبدو أنها ليست في صدد تغيير موقفها الداعم لنظام الأسد.
وكانت روسيا قد رفضت، الأربعاء، مشروع قرار غربي قدمته الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا إلى مجلس الأمن الدولي يدين النظام السوري، ويدعو إلى فتح تحقيق كامل في جريمة خان شيخون، واعتبرته “غير مقبول على الإطلاق”، ويستند إلى “معلومات زائفة”.
وفي السياق، جدد النظام تحديه للمجتمع الدولي، محاولاً تبرئة نفسه من جريمة خان شيخون، حيث كرر وزير خارجيته وليد المعلم المزاعم بأن جيش النظام “لم ولن يستخدم أي نوع من السلاح الكيماوي”، مطالباً بلجنة تحقيق “ليست مسيسة”، تنطلق من دمشق، وليس من تركيا.
في موازاة ذلك، عاد رأس النظام بشار الأسد للتأكيد على أنه ماضٍ في الخيار العسكري لحسم الصراع في سورية، مشيراً في مقابلة صحافية إلى أنه “ليس لدينا خيار سوى أن ننتصر بالحرب”، وفق تعبيره.
العربي الجديد