اللجوء في ظل الحروب
رزان يوسف
اللجوء وسيلة للهروب من وضع مزرٍ , وطريقة للفرار من المآسي والآلام .. وربما هو طريق للخلاص من القمع الذي يعانيه الفرد في بلده الأم فيسعى جاهداً للبحث عن مكان ينعم فيه بالطمأنينة والأمان.
يمكن لأي كان أن يحصل على اللجوء بالطرق الشرعية فقد لجأ أغلب الشعوب إلى السعي للحصول على اللجوء بطرق غير شرعية رغم ما يعانوه من عذاب وصعوبات في الوصول إلى البلد الذين يرغبون في اللجوء إليه , على الرغم من كون اللجوء أمر طبيعي ومشرع به حسب القوانين الدولية عندما يشعر أي فرد بأنه يعاني من ظلم أو قمع أو يشعر بتهديد على حياته .
وقد سعت الأمم المتحدة إلى تحديد من يحق لهم اللجوء لتفادي الوقوع في مشاكل قد تنعكس سلباً على الدولة المستقبلة للاجئ أو الدولة القادم منها ,حيث يقوم على إعطاء الشخص الذي يتعرّض للاضطهاد بسبب آرائه السياسية أو المعتقدات الدينية في بلده والتي قد تكون محمية من قبل سلطة أخرى ذات سيادة ،أو بلد أجنبي يعطي الفرصة له للتعبير عن آراءه. وليس اللجوء شكل واحد بل يحتمل عدة أنواع منها:
اللجوء السياسي الذي يكون بسبب الاضطهاد السياسي من النظام الحاكم أو من ممارسات قمعية ما.
كما أن هنالك اللجوء الديني الذي يكون بسبب الاضطهاد القائم على أسباب دينية في البلد الأم.
وقد يكون لجوء إنساني سببه التعرض للتمييز الطائفي و بسبب الحروب والثورات التي تؤثر على حياة الكثيرين فتدفعهم للبحث عن مكان يشعرون فيه بالأمن.
ومن خلال الاحداث التي تقوم بالعالم الآن فقد أصبح موضوع اللجوء يأخذ أهمية كبيرة ومتزايدة وذلك لعدد أسباب منها :الحروب الأهلية والصراعات الداخلية وعدم الاستقرار السياسي والأمني في بعض البلدان ، وانتهاك حقوق الإنسان في العديد من دول العالم سواء كانت موجهة إلى جماعات عرقية أو أثنية أو دينية أو سياسية أو كانت موجهة إلى كل المعارضين لنظام حكم معين أو اتجاه سياسي أو بسبب الخلافات العقائدية، ما يضطر العديد من الأفراد الى الفرار و اللجوء إلى دول أخرى طلبا” للحماية أو اتقاء للاضطهاد أو التعسف .
ومن الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى اللجوء هي النزاعات المسلحة بين الدول المتجاورة أو التي تتعرض إلى غزو أو اعتداءات خارجية كما إن العنف السياسي يلعب دورا بارزا في تصعيد حدة اللجوء .
وهذا ما نراه الآن يحدث في كل من سوريا ومصر وليبيا والعراق حيث شهدت حركة نزوح ولجوء كبيرة من هذه الدول لما عانته شعوبها من ظلم وقهر وقمع وإبادة , ومن أنهاك لقوى الشعب , وتدمير لبيوتها وأملاكها ,فلم تجد مهرباً من حالة الانهاك إلا بالعمل على إيجاد مكان بديل لها تعيش فيه وتضمن فيه سبل الحياة من صحة وتعليم وعمل وخدمات وأهم شيء الأمان, وقد رأت في التسهيلات التي تقدمها الدول الأوربية خدمة لها ومساعدة لتوفر لها ابسط سبل الحياة , فقد سعت الدول الأوربية إلى فتح باب اللجوء للشعب السوري في ظل الحرب التي تدور رحاها في سوريا , فقد قامت الكثير من دول الاتحاد الأوربية عن طريق الامم المتحدة أو سفاراتها بالدول المجاورة لسورية بفتح باب التسجيل على تقديم طلب للجوء إليها مع تبيان الأسباب التي تدفعه للجوء , وقد وضعت شروطاً لابد من أن تستوفى في الأشخاص الذين يريدون اللجوء إليها من هذه الشروط: أن يكون هناك أسباب قاهرة تدفع للجوء , أو أن يكون هربا من الاضطهاد والقمع والملاحقة في بلده الأم , أو كان أحيانا يؤخذ من الأشخاص حسب تسلسل الأعداد المطلوبة والمقدمة على مكاتب الأمم المتحدة أو السفارات, حيث قامت كل دولة كالسويد وهولندا والمانيا بتحديد أعداد محددة لاستقباله على أراضيها وذلك ضمن أطار اللجوء الشرعي , ولكننا نلاحظ أيضاً أن الغالبية العظمة من الناس تلجأ إلى اللجوء والهجرة غير الشرعية , إما عن طريق البحر أو عن طريق جوازات مزورة بهدف الوصول إلى الدولة المعنية ثم التقدم بطلب اللجوء الذي يحصل عليه بعد فترة وجيزة لا تتعدى فترة استكمال اوراق اللجوء ولم الشمل للعائلة . فالوضع الراهن في سوريا جعل حدة الهجرة غير الشرعية تتزايد بوتيرة عالية بالرغم من خطورتها , كما أن التسهيلات والاغراءات التي تقدمها الدول الأوربية دفعت بالكثير من السوريين أ والعراقيين بالهجرة غير الشرعية وطلب اللجوء , هذا الأمر الذي تسبب بمشكلات كبيرة في سوريا , فأغلب الذين يهجرون هم من فئة الشباب المعول عليها تصليح شؤون البلاد والنهوض بالمجتمع وهذا له أثر كبير في خسران المجتمع للأيدي التي ستبني الوطن.
كما أنه من جهة أخرى يتسبب في قيام الدول المهاجر إليها باجتذاب الطلاب الجامعيين وتقديم التسهيلات العملية والسعي لتمكين اكمال دراستهم. من هنا نرى أن اللجوء من رغم من أهميته كعامل مساعد على تخفيف الضغط النفسي المتولد من حالة التشرد والضياع التي يعاني منها أغلب المواطنين وبالرغم من كونه سبب في خسارة العقول والخبرات إلا انه من جهة أخرى يفتح مجال للأسر والعائلات بإيجاد الأمان الذي يبحثون عنه والحياة البسيطة التي يتمنونها كما أنه يساعد في تأمين رؤوس أموال غربية قد تساعد في نهضت المجتمع .وك ذلك من الأثار التي تنتج عن اللجوء هي تراجع الثورة وخفت حدتها فقد أصبح لدى لعالم حالة لا مبالاة تجاه ما يحدث هذا الأمر الذي سيغيير مسار الثورة ويعيد الحسابات فيما يحدث.