للجيوش في كل دول العالم مكانة مرموقة، حيث لهم دور أساسي في حماية شعوبهم من خطر العدوان، فللباس العسكري قداسة كبيرة في نفوس المواطنين، إلا أن هذه الخاصية فقدت دورها في سوريا خلال الحرب التي اشتعلت في البلد منذ أكثر من أربع سنوات.
حيث أصبح ارتداء اللباس العسكري بعد اندلاع الحرب في سوريا لدى المواطنين أمراً اعتيادياً، ورؤية الأشخاص الغير معروفة هوياتهم فيما إذا كانوا عسكريين أو مدنيين وهم يرتدون اللباس العسكري أمراً لا يكترث له في ظل عدم اتخاذ أي جهة فاعلة على الأرض قوانين تمنع ارتداء هذه الألبسة مما أدى لرؤية الكثير من المشاة في الشوارع باللباس العسكري.
أبو محمد مواطن من دمشق يقول: “لم نعد نستطيع التمييز بين المدنيين والعسكريين فالكثير من الأشخاص أصبحوا يرتدون الزي العسكري في الشوارع فضلاً عن قيام بعض الموظفين بارتدائها في مكاتبهم”.
ففي المناطق التي يسيطر عليها النظام أصبح اللباس العسكري وسيلة لبعض المواطنين من أجل تسيير أمورهم في جميع دوائر الدولة وعدم الوقوف في الأدوار والطوابير الطويلة لشراء بعض الحاجيات كالخبز وتبديل اسطوانات الغاز حتى أصبح الأمر يتفشى شيئاً فشيئاً لدى النساء اللواتي اصبحن يرتدين الزي الأمر الذي أدى لظهور موضة الزي العسكري في الأسواق لتذهب الفتيات وتشتري من هذه الألبسة.
أم محمد موظفة في إحدى الدوائر في مناطق النظام تقول: “يأتي يومياً الكثير من النساء إلى الدائرة التي أعمل بها البعض منهم يرتدي زيا عسكريا مما أثار الاستغراب لدي فسألت إحداهن فيما إذا كانت متطوعة في الجيش فردت على سؤالي بأن هذا الزي أصبح من الموضة”.
لم يقتصر لبس الزي العسكري على الكبار فحسب بل أصبحت هذه الظاهرة تنشر لدى الأطفال وصغار العمر مما أدى لانتشار هذه الألبسة في المحلات التجارية وفي الأسواق فعمد بعض من الباعة لافتتاح محلات متخصصة في بيع الألبسة العسكرية لكافة الفئات العمرية بسبب الأرباح الكبيرة التي أصبح يجنيها البائع نتيجة بيع هذه الألبسة.
بعد الانتشار الكبير للألبسة العسكرية في مناطق النظام واستياء الأهالي من هذه الظاهرة، تقدم البعض منهم بطلب إلى حكومة النظام للحد من هذه الظاهرة فقامت حكومة النظام باتخاذ بعض القرارات التي تمنع بيع اللباس العسكري وارتدائه إلا من قبل العساكر والمتطوعين بالإضافة لمنع دخول أي شخص إلى الدوائر الحكومية أثناء ارتدائه للباس العسكري.
خالد شاب من اللاذقية وينتمي للطائفة العلوية يروي إحدى القصص التي جرت أمامه: “كنت أسير في أحد الأحياء عندما أتت سيارة سوداء مسرعة وتوقفت بشكل مرعب ونزل منها أربعة شبان يرتدون الزي العسكري ليقوموا بخطف فتاة ووضعها في السيارة دون أن يعرف مصيرها أو يعرف فيما إذا كان الشبان تابعين لجهة أمنية أم هم مدنيون ينتحلون صفة عسكرية”.
على الرغم من كل القرارات التي اتخذتها حكومة النظام للحد من هذه الظاهرة، إلا أنها لم تطبق على أرض الواقع ولم يكترث لها المؤيدون للنظام واستمروا في نشر الرعب بين الأهالي من خلال انتحالهم للصفات العسكرية.
لم تكن هذه الظاهرة هي الوحيدة التي انتشرت بين المواطنين في مناطق النظام خلال الأزمة فالكثير من الأمور التي لم تكن موجودة قبل خمس سنوات أصبحت تنتشر بشكل كبير في حين يبقى السؤال الوحيد إلى متى سيبقى مؤيدو النظام يمارسون الرعب على المدنيين الضعفاء في مناطق سيطرته.
المركز الصحفي السوري – مصطفى السوري