يشهد الاقتصاد السوري تدهوراً مستمراً في المؤشرات التنموية، لقد دمرت الحرب البنية التحتية، وتقلّص النشاط الاقتصادي في جميع القطاعات والمناطق، واغلقت الشركات والمعامل وسرح العاملين فيها، ولقد امتد الصراع المسلّح إلى كافة مناطق سوريا، وازداد أعداد النازحين داخل البلد وتضاعفت أعداد اللاجئين الذين فروا إلى البلاد المجاورة.
إن الصراع في سوريا ألحق ضرراً بالقطاع الزراعي الذي يعمل فيه معظم سكان البلاد، وخفض محصول القمح والشعير (مادة الطعام الرئيسية في البلاد) بأكثر من النصف، وأصاب البنية التحتية للقطاع بدمار شديد، لقد ازدادت نسبة الفقراء في سوريا إلى أكثر من 80 % بعد أربع سنوات ونصف من الثورة الشعبية ضد نظام بشار الأسد.
“أبو يوسف” من بلدة كفرنبودة بريف حماة الشمالي نزح مع زوجته وأولاده الخمسة، إلى جبل الزاوية بريف إدلب يقول: “لقد أصبح الموت تحت القصف أرحم من الموت جوعاً، كنت موظفاً في معمل زيت بمدينة حماة، لكن المعمل أغلق نتيجة الافلاس وتوقف راتبي، ليس لدي أي دخل وارتفاع جنوني للأسعار، لقد فكرت باللجوء إلى تركيا لكن تكاليف السفر مرتفعة، ولا أملك المال الكافي للسفر”.
خلا السنوات الماضية أغلقت أعداداً كبيرة من الشركات، وتم تسريح آلاف العاملين، وقد ترتب على ذلك ارتفاع كبير في معدلات البطالة، وتراجع المعروض بالأسواق من السلع والخدمات، كما انخفض بشدة سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار اليوم الذي تجاوز عتبة 350 ليرة سورية، وارتفعت وبشكل حاد أسعار كافة السلع المستوردة والقادمة من الخارج.
تشير التقارير إلى أن أكثر من 14 مليون شخص دخلوا خط الفقر خلال سنوات الأزمة، ومنهم 6.8 مليون شخص دخلوا مرحلة الفقر المدقع، كما أن عدداً كبيراً فقدوا كامل مدخراتهم نتيجة دمار منازلهم ومملكاتهم، عدا مئات المنازل التي دمرت بشكل كلي، أو أصبحت غير قابلة للسكن أو الاصلاح، وهذا القطاع تحديداً كان قد عانى منه السوريون طويلاً، فكان حلم تأمين مسكن حلماً صعب المنال حتى قبل الثورة.
“غسان” من ريف إدلب الجنوبي يقول: “لقد فنيت عمري في بناء منزلي الذي دمرته براميل الأسد، كنت أعمل في مساعداً فنياً في البلدية، بعد سبع سنوات من العمل استطعت أن أنهي بناء منزلي، لأستقر أنا وزوجتي فيه، لقد بنيته على مراحل وعلى مدى سبع سنوات، حيث كلما استطعت توفير مبلغ صغير اخصصه لبناء المنزل، إلى أن أتى طيران النظام المروحي فألقى براميله عليه فحوله إلى كومة ركام خلال لحظات، لكن لم أحزن ربما لأنني كنت خارج البيت أنا وزوجتي عندما دمر”.
لقد تفاقمت واتسعت أبعاد الأزمة الإنسانية لتشمل الكثير من متطلبات الحياة اليومية، ولعل أول من سيعاني من نقص هذه المتطلبات هم أطفال سوريا الذين يعجز آباؤهم عن تأمين ما يحتاجونه في ظل تفشي البطالة وفقدان الآلاف لفرص عملهم التي دمرتها الحرب، وترتفع معدلات الفقر بعد التضخم الاقتصادي الذي طال مقدرات البلاد، والانهيار المريع لليرة السورية، الأمر الذي أسهم في انتشار الجوع بعد فقدان السوريين للرصيد الحقيقي لمدخراتهم، وعدم القدرة على تحقيق أدنى مستويات الغذاء الجيد.
اتحاد الديمقراطيين السوريين