علقت صحيفة “الغارديان” في افتتاحيتها على المواجهة التركية- اليونانية حول الطاقة الإحفورية في مياه المتوسط بأنها مواجهة خطيرة. ويمكن أن تتحول مياه البحر إلى نزاع دولي. وقالت: “هناك من يزعم أنها (الطاقة) موجودة من عدة قرون ومنذ أن نظر للبحر المتوسط كمسرح قيادة للتاريخ. ولكن القوى العظمى والدول المحاذية لشواطئه تتنافس للسيطرة على ثرواته من الهيدروكربون، أو على الأقل منطقة شرق المتوسط”.
وظهرت المشاكل على السطح الشهر الماضي عندما تصادمت فرقاطة تركية كانت ترافق سفينة تنقيب عن الغاز والنفط مع سفينة حربية يونانية. ومنذ ذلك الوقت ازدادت الحرارة حيث منحت أزمة قبرص التي لم تحل بعد نقطة توتر بين البلدين. وفي الأسبوع الماضي أجرت البحرية اليونانية التي انضمت إليها فرنسا وإيطاليا والإمارات العربية مناورة حول قبرص. وأعلنت تركيا أن روسيا ستقوم بمناورة بحرية.
وكان حلف الناتو مصيبا أن هناك حاجة لتخفيف درجة الحرارة ويجب تهنئته على جهوده الهادفة لخفض التوتر. وعلى الدول الأعضاء في الناتو تبادل الكلام لا اللكمات. وقالت الصحيفة إن هناك في تركيا نزعة نحو الديكتاتورية في النظام الرئاسي التنفيذي، حيث تم توسيع القوة العسكرية والثقافية والاقتصادية في ظل الرئيس رجب طيب أردوغان. فلم يحدث منذ الإمبراطورية العثمانية أن يكون لتركيا بصمات دولية كاليوم. فقد أنقذت قواتها وطائراتها المسيرة الحكومة التي تعترف بها الأمم المتحدة في ليبيا. ورغم حالة الركود التي تسبب بها كوفيد-19 إلا أن الشركات التركية احتفظت بالتفوق الدولي واستفادت من العمالة الرخيصة التي أصبحت أرخص بسبب الليرة التركية الضعيفة والمنافذ على الأسواق الأوروبية.
كان حلف الناتو مصيبا أن هناك حاجة لتخفيف درجة الحرارة ويجب تهنئته على جهوده الهادفة لخفض التوتر
وحاز أردوغان على ثناء العالم العربي السني لاستقباله 4 ملايين لاجئ سوري. وما يزعج الرئيس التركي هو أن بلده لا يستطيع اكتشاف واستغلال قاع البحر المتوسط. ويعتقد أنه بلاده تستحق البحث عن كنوز البحر كما فعلت مصر وقبرص وإسرائيل. وتزعم أنقرة أن جدارا من الجزر اليونانية يمنعها من استغلال مياهها البحرية. والسؤال هو عن مدى التعامل مع الأرخبيل من الجزر قرب الساحل التركي عند تطوير المحور الاقتصادي. فقانون الأمم المتحدة للبحر الذي لم توقع عليه تركيا يدعم اليونان والوضع الراهن.
ويقدم أردوغان النزاع الدولي على أنه جزء من تصحيح التاريخ. فتقاليده السياسية لا تتعامل مع ولادة تركيا الحديثة على أنها انتصار ولكن كفرصة ضائعة. ولهذا السبب تحولت المناطق التي خسرت في معاهدة لوزان عام 1923 ورسمت حدود تركيا الحديثة، بما فيها الجزر في بحر إيجة التي أصبحت في قلب سياسته الخارجية.
وترى الصحيفة أن المبارزة بين الأعداء القدماء حول الحدود، وحقول الغاز والكرامة الوطنية، تمثل خطرا بظهور الفوضى. ويجب أن تكون المنافسة على الطاقة الأحفورية حول كيفية التوقف عن استخدامها. وتقول الصحيفة إن الدول العربية وإسرائيل الخائفة من ماركة أردوغان للإسلام السياسي دعمت اليونان. وربما لم يكن بحاجة لغاز البحر المتوسط بعد إعلانه عن اكتشافه الغاز في قعر البحر الأسود.
والتزمت أمريكا التي تعتبر ضامنا للسلام بين دول بحر إيجة بالصمت. والباب صار مفتوحا لكي تتحرك أوروبا. ودعت المستشارة الألمانية التي توصلت لاتفاق مع أردوغان لوقف تدفق اللاجئين للحوار. وهناك مساحة للأخذ والعطاء. وهدد الاتحاد الأوروبي بعقوبات على قطاع الغاز والنفط التركي يمكن أن توسع لو استمرت المبارزة. وختمت لو أراد أردوغان نيل الاحترام كشريك فعليه التصرف مثل ذلك.
نقلا عن القدس العربي