بليرتين سوريتين ركبت وراء السائق على متور “المشلص” وسيلة الترحال المتوفرة من منطقة
عفرين إلى ناحية الشيخ حديد، وكان علي أن أقطع المسافة إلى قرية إرندة مشيًا على الأقدام.
التعيين الأول
يقول المعلم “أبو ماهر” بعد تخرجي من مدرسة دور المعلمين، كلفت معلماً في قرية إرندة،
في مجمع عفرين التربوي، 1987، حزمت حقيبتي واسفنجتي ولحافي على كتفي، واتجهت صوب
الجبل أسأل الرعيان والفلاحين بين الزيتون عن قرية اسمها إرندة
أوضة المختار
غرفة مبنية بحجر سوري، وككل المضافات في ريف عفرين بذات القياس المتطاول للغرف، والنوافذ
المتلاصقة بشكل أقواس، بزجاج مزين بألوان زاهية صفراء وخضراء، كان يجلس المختار في صدر الغرفة،
أمر أحد أبنائه أن يأخذ أغراضي مني، واستضافني في بيته ثلاثة أيام.
السكن
للمعلم غرفة يسكنها في المدرسة وله دور طلابي في الإطعام، فكل طالب يقدم الطعام للمعلم بيوم
دوره إلّا أنّ المختار كان دائم الإصرار أن أشاركه طعام الغداء، السهرة بشكل آلي يوميًا في أوضة المختار،
أشاركهم أفراحهم وأحزانهم لمدة عام كامل
من إرندة إلى السويداء
التحقت بخدمة العلم مجنداً في السويداء، تركت أحلام إرندة وطبيعتها وكرم أهلها محملًا بالمحبة والزيت،
آنستني وحشة خدمة العلم علاقاتي هناك، وعدت مدرسًا في قريتي النائية أيضًا شرقي معرة النعمان.
العودة الثانية
قصف النظام السوري ريف معرة النعمان واضطر أهلها للهجرة شمالًا خوفًا على أرواحهم،
بقي أبو ماهر متشبثًا بأرضه وبيته لحين لم يبق أمامه إلا النزوح، حزم أمتعته على عجل، وخرج دون وجهة معينة شمالًا.
أستاذ أستاذ
في طريق هجرته تذكر إرندة فقرر العودة إليها مجددًا، وصل أبو ماهر ليلًا تلك القرية النائية شمال
الشيخ حديد، قصد بيت المختار، وقف المختار من عليته يأهل به، حاول أبو ماهر أن يفهمه أنه الأستاذ
عبد العليم عاد من جديد لكنه نازح مشرد، شرده النظام الذي أرسله ذات يوم ليكون معلم هذه القرية،
بلكنة عربية ثقيلة يتساءل المختار ما يجري ومن أنت، لحين خرجت روزة ابنته وقالت إنه الأستاذ ، الأستاذ عبد العليم.