في ظل الظروف القاسية التي يعيشها السوريون، اضطر الكثير من السوريين للعمل بظروف غير لائقة إنسانيا ولا قانونيا بهدف تأمين أبسط مقومات الحياة في مقدمتها اﻷمن والمسكن.
أينما تذهب في لبنان ترى العمال السوريين، فالسوري بناء، مزارع، نجار سائق، حلاق فران ،جزار وعامل في المطاعم والفنادق والمحال التجارية ،السوري في لبنان هو الطاقة التي تسهم في تراكم الثروة اللبنانية.
تقدر العمالة السورية في لبنان بنسبة 90%من مجمل العمالة الكلية، بحسب تقديرات نقابة المقاولين اللبنانيين، إلا أن هذا العدد ارتفع إلى أكثر من مليون منذ بداية الأزمة السورية، جراء توقف المعامل والمصانع في سوريا وازدياد البطالة.
يخضع العمال السوريون في لبنان، لشروط قاسية واضطهاد واستغلال في سوق العمل من قبل أربابهم، ومحرومون من الحد الأدنى للأجور ومن التأمينات.
يقول عبد الرحمن أحد العاملين السوريين في لبنان :”أعمل منذ عشر سنوات في لبنان، من السادسة صباحا حتى السادسة مساء ولا إجازات سوى يوم الأحد ولا يصل راتبي ل400 دولار شهريا ،ولا يكفيني لدفع مصاريف المعيشة بالإضافة لسوء المعاملة من صاحب العمل خاصة ومن اللبنانيين عامة”.
في بداية العام الحالي أصدرت مديرية الأمن العام اللبناني قرارا يمنع أي سوري لايمكن تصنيف زيارته ضمن الفئات التي حددها “سياحة ،دراسة، سفر، تسوق، زيارة مستأجر عقار ومراجعة سفارات”من الدخول إلى لبنان، إلا إذا كفله لبناني بموجب “تعهد المسؤولية”،إلا أن هذه الاجراءات استنفذت المقاولين والمتعهدين لأنها تفرض عليهم تسديد كلفة مالية تعادل ألفي دولار سنويا، لم يكونوا ملتزمين بتسديدها، ولأن المقاولين اللبنانيين لا يمكنهم الاستغناء عن اليد العاملة السورية بسبب مهارتها ورخصها.
يذكر أن مجموعة من الشبان اللبنانيين نظموا حملة ضد العمال السوريين باتهامهم بأخذ فرصهم بالعمل، وتم عرض هذه الاتهامات كمشكلة حقيقية تسبب البطالة بين اللبنانيين ،من خلال الصحف والبرامج التلفزيونية.
إلا أن أرباب العمل لم يشاركوا فيها وذلك لعدم قدرتهم الاستغناء عن العامل السوري.
يقول الدكتور لويس حبيقة “خبير بالشؤون الإقتصادية:”اللبناني مابيشتغل بذات السعر اللي بيشتغل فيه السوري، يعني أنا برفض الأقوال إلي بتقول أن السوري عم ياخد محل اللبناني “.
على إثر هذه المضايقات قام أيضا مجموعة شبان سوريين من تنظيم حملة إضراب عن العمل لمدة ثلاث أيام نشروها على صفحات التواصل الاجتماعي، ليؤكدوا للبنانيين أنهم بترك العمل في لبنان ستتوقف الحياة فيها ، فاللبناني لايمكن أن يكون بمهارة وقناعة السوري.
بلال يعمل في النجارة في إحدى الشركات الكبرى:”أتقاضى راتبا لابأ.س به، ولكني لا أشعر بالأمان ، فكل مصيبة تحل باللبنانيين يلصقوها براس السوري، حتى تراكم القمامة في شوارع لبنان قالوا أننا نحن من سببها لكثرة أعدادنا”.
إذا كان السوريون اليوم يفتقدون حكومة وطنية في بلادهم تحميهم وتدافع عن حقوقهم، فإن ذلك لايعني ترك هؤلاء العمال المقهورين في مهب الريح، فمن مرارة الحرب إلى مرارة الاستغلال والاضطهاد، بل يتوجب على القوى السياسية والمنظمات الدولية على رأسها منظمة العمل الدولية إيجاد حل لمسألة العمالة السورية في لبنان.
المركز الصحفي السوري – سلوى عبد الرحمن