في إدلب الجريحة، الهلع والخوف من المجهول رافق الأهالي لليوم الثاني على التوالي، ومع المزيد من الضحايا الأبرياء يزداد الألم والمعاناة لمدينة مسالمة، مكتظة بالسكان معظمهم من النساء والأطفال ممن لا حول لهم ولا قوة.
والسؤال اليوم في مدينة تنزف حتى الموت، إلى متى سيبقى المجهول بأيدي أناس لا ترحم؟!
يهتف “بلال” من مدينة إدلب بأعلى صوته، وهو يشاهد نيران القصف تلتهب وتحرق محله التجاري، آخر ما يملك من أجل العيش “الله لا يوفقهم.. ضاع شقى عمري بثواني وتلاشت الأحلام حتى في الاستمرار بهذه الحياة المريرة، فالألم يتزايد يوماً بعد يوم، الآن هدم باب رزقي وزهقت أرواح من كانت بالقرب، وغداً أو حتى ساعات.. على من سيكون الدور فالموت والخراب أصبح بمدينتي بالتزامن”.
كلنا يعلم أن ما يعانيه الأهل في المناطق المحررة أشد مرارة من ذي قبل، وتزداد المجازر المروعة بحق المدنيين وسط صمت دولي فاضح تجاه مجريات حرب دامية لا تعرف نهاية لها.
وطبعاَ استهداف المشافي ومراكز الدفاع المدني وأماكن التجمعات كالأسواق هي هدم لنيران الطيران، التي تسعى لتدمير ما تبقى من أركان الحياة في المدينة.
يكشف أبو حسن من مدينة إدلب (75 عاماً) “اعتدت الذهاب للمشفى لأراقب وضعي الصحي بعد فقداني لأبنائي الثلاثة، باعتقال تعسفي أوهجرة من الوطن، ومع صوت قصف طائرات الموت ارتعدت أطرافي الهرمة خوفاً، ومع ضعفي وتلبكي تعثرت بعكازي المهترئة وكسرت ساقي الهشة.. آه إن نجينا من الموت لا ننجو من الألم.. لله أشكو الظالمين”.
أفاد ناشطون في المدينة أن حصيلة القتلى تزداد مع استمرار الغارات، والمصابين أغلبهم في حالٍ خطره.
كما يحذر الناشطون المجتمع الدولي من أن تراخيه وعدم اكتراثه بالمأساة السورية، سيتسبب بالمزيد من الكوارث الإنسانية اليوم ، فالشمال السوري، وخصوصاً إدلب التي تكتظ بالنازحين “من الجارة حلب والمحاصرة حمص”.
ولا نحظى إلا بردود الفعل الدولية بين القلق والمثير للقلق، وقد يرقى..، ويرقى إلى جريمة.. لكن دون عمل حقيقي، والصامت يعتبر مشاركاً بالجريمة كما يقول الأهل في المدينة
وما يجري من إبادة ممنهجة للسوريين، هو من مصلحة بشار ومن والاه من الروس والإيرانيين التي تنمو مع التخاذل الدولي تجاه جرائم الحرب المفتوحة.
واليوم تفاعل عدد كبير من السوريين مع حملات على مواقع التواصل تدعو المجتمع الدولي ومنظمات دولية متخصصة للتدخل ولجم النظام عن ارتكاب المزيد من الجرائم بحق المدنيين في المدينة، مشيرين إلى أن إدلب تحترق، كما احترقت جارتها حلب بما ينذر بكارثة ربما تكون الأفظع من خمس سنوات، قد تكون حربا مفتوحة على الأهالي في سوريا.
ومع توالي الغارات تزداد مخاوف سكان المدينة من مزاولة أعمالهم، أو حتى الخروج من منازلهم.
يقول أحمد (15 عاماً) وهو طالب يقدم امتحان الإعدادية “القصف العنيف جعلني أمتنع عن الكتابة بيدين مرتجفتين لا تستطيع حمل القلم والكتابة على ورق الامتحان.. حرب شاملة طالت الروح والمكان وشلت العقول، وكأن النظام يعمد لمنع المناطق المغضوب عليها من أن ينال الأبناء، قسطاً من التعليم لبناء ما أفسدته شرعيتهم المفقودة”.
يدمدم أبو حسن بدمع يسبق الكلام “الظلم طالت لياليه، والساكت عن الظلم مشارك فيه.. لكن لا استسلام ولا يأس وصبراً يا من بقي من الأهل، فالشمس تشرق بعد العتمة”.
المركز الصحفي السوري- بيان الأحمد