تحاول تنظيمات الإسلام السياسي في مصر اختراق الجيش الذي تكن له عداء كبيرا، عبر محاولات استقطاب جنود وضباط يحملون خصوصا رتبا متوسطة.
ونجحت بعض هذه المحاولات في تجنيد بضعة ضباط تحولوا لاحقا إلى عقول مدبرة لتنظيمات جهادية في حرب دامية تجري في شبه جزيرة سيناء، خصوصا بين الجيش وتنظيم “أنصار بيت المقدس” الذي أعلن ولاءه لتنظيم الدولة، وغير اسمه إلى “ولاية سيناء”.
وطوال عقود شكلت هذه المحاولات مبعث قلق داخل نظام الحكم في مصر، الذي يهيمن عليه الجيش منذ عام 1952. ومنذ ذلك الحين، حافظ الجيش على أسس علمانية تحولت لاحقا إلى جزء من العقيدة القتالية، أحد أعمـدة الاستراتيجية الـعسكريـة في مصـر.
لكن بعد نجاح الإخوان المسلمين في الوصول إلى الحكم عام 2012، صعد هدف تغيير هذه العقيدة على قائمة أولويات الرئيس المنتمي إلى التنظيم محمد مرسي، قبل الإطاحة به في يوليو 2013، إثر احتجاجات شعبية حاشدة على حكمه.
وقاد وزير الدفاع آنذاك الفريق أول عبدالفتاح السيسي هذا التحرك، الذي لم يمهل الإسلاميين الوقت لتوسيع نفوذهم بين صفوف الجيش، قبل أن يتولى الحكم لاحقا.
وأعلن السيسي الخميس أنه لن يسمح لأصحاب “توجهات دينية معينة” بالانضمام إلى الجيش، في إشارة واضحة إلى الإخوان، والسلفيين.
وقال السيسي في كلمة ألقاها أثناء حضوره ندوة تثقيفية للقوات المسلحة بثها التلفزيون المصري “لا يمكن أن يدخل الجيش إلا المصري الذي ليست له توجهات دينية معينة”، موضحا أن من حق “المصري المسلم والمصري المسيحي” الانضمام إلى الجيش، ومكررا صفة “التوجهات الدينية المعينة”.
وأضاف “من له توجه معين، يجب أن نبقيه بعيدا عن الجيش ومؤسسات الدولة، لأنه سيميل بالرغم منه إلى توجهه”، مؤكدا أنه سيتم طرد أصحاب هذه “التوجهات” التي لم يحددها بالاسم من الجيش.
ولا يعلن عادة عن عمليات مسح استخباراتي يجريها الجيش طوال الوقت بين أفرعه. وتعزز هذا المسح خلال فترة حكم الإخوان خصوصا.
وقال مصدر أمني مصري لـ”العرب” إن “الأمن الحربي (أحد أجهزة الاستخبارات الحربية) هو المسؤول عن إجراء التحريات، خصوصا في ما يتعلق بالإسلام السياسي”.
وأضاف، في اتصال هاتفي من القاهرة، أن “محاولات الالتحاق بالجيش والشرطة والقضاء والسلك الدبلوماسي خصوصا شهدت زيادة كبيرة أيام حكم مرسي، إذ وجدت هذه المؤسسات ظهرها للحائط، ولم تتمكن من رفض بعض المرشحين”.
وبعد التخرج من كليات عسكرية يتخصص طلابها في القوات البرية أو البحرية أو الجوية أو قوات الدفاع الجوي وسلاح المهندسين العسكريين، يمر الطالب بفترة اختبار تتراوح بين عام أو عامين، .
وخلال هذه الفترة يخضع الضابط لرقابة مكثفة. وإذا ما ثبت تبنيه لأفكار دينية متشددة، يحق للجيش استبعاده على الفور.
ويتم استبعاد الإسلاميين الذين يأتي الدور عليهم لتأدية الخدمة العسكرية الإلزامية، خلال إجراء الاختبارات الأولية بعد صدور “ملاحظات أمنية” على سلوكهم.
وقال المصدر الأمني “بعد تنحية الإخوان عن الحكم، تم في سرية استبعاد كل الطلاب الذين تمكنوا من الالتحاق بالكليات العسكرية أو أي مؤسسات حساسة أخرى في عهد مرسي”.
ويخضع الضباط القدامى ممن يعتنقون أفكارا متشددة إلى محاكمات عسكرية، غالبا ما تنتهي بالتسريح من الخدمة أو بالسجن.
ومنذ نجاح مجموعة من الضباط المنتمين إلى تنظيم الجماعة الإسلامية في اختراق عرض عسكري في أكتوبر عام 1981 واغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، لم يسمح بانضمام أي مرشح إلى الجيش، حتى لو كان علمانيا لكنه ينتمي إلى عائلة تضم إسلاميين معروفين بتشددهم.
العرب اللندنية