يعاني المحاصرون من أهالي مدينة الحولة في ريف حمص الشمالي من نقص المياه الحاد، وقد تفاقمت الأزمة مع حلول فصل الصيف الحار، وقد بدأت علامات انتشار الأمراض والأوبئة وتفشي حالات الإسهال الحاد والديدان المعوية والتهاب الكبد “A” الذي ينتقل بالماء والطعام الملوث تظهر عند الكثيرين.
وأصبحت الآبار الارتوازية هي الوسيلة الوحيدة التي تؤمن المياه للناس مع صعوبة استخراجها لقلة وجود الإمكانيات المتاحة، فبعض الآبار في الحولة خرجت عن الخدمة، نتيجة القصف واستهدافها المباشر من قبل قوات النظام أو لقربها من الحواجز المحيطة في المنطقة، ولا أحد يستطيع الاقتراب منها أو إجراء صيانة لها.

ازدياد تدهور الوضع الطبي
“أقضي كل يوم عددا من الساعات مع أبنائي للحصول على مياه للشرب ولسد احتياجات المنزل من المياه، ننتظر منذ الصباح الكهرباء، لنقوم بمد خط المياه من إحدى الآبار القريبة من المنزل والذي يبعد حوالي 300 متر، وبالمقابل أدفع لصاحب البئر القريب 500 ليرة للمتر الواحد، ومياه الآبار الرئيسة في المدينة لا تصل إلينا منذ فترة طويلة، وبالنسبة لصحة المياه فقد أصبحنا لا نبالي إن كانت ملوثة أو صحية، همنا هو الحصول على المياه”. هذا ما قاله عمار أبو مصطفى” أحد المواطنين الذين يعانون من انعدام المياه في المنطقة لـ “العربية.نت”.
الطبيب “أحمد” من مشفى كفرلاها الميداني تحدث لـ “العربية.نت” عن محاولة الناس استجرار الماء حتى لو كان غير صالح، سواء من الآبار السطحية، والمياه الراكدة التي تشبه المستنقعات إضافةً لوضع الآنية تحت مزاريب المنازل من أجل جمع مياه الأمطار ومن لم يؤمن المياه لمنزله يلجأ لمياه المجاري المائية والأنهار والمياه السطحية، وهذه المياه تكون في أغلب الأحيان ملوثة لا تصلح للاستعمال البشري.
وأضاف الطبيب أن هذه المياه الملوثة ينتج عنها الكثير من الإصابات بالأمراض التي تصيب الناس هنا وخصوصاً الأطفال كالإسهال الحاد والديدان المعوية والتهاب الكبد A الذي ينتقل بالماء والطعام الملوث إضافةً لظهور أمراضٍ جلدية بسبب لجوء السكان إلى غسل ملابسهم بمياه الأنهار.
وختم الطبيب “أحمد” حديثه معبراً عن ازدياد الأزمة بسبب قلة الأدوية وحرمان المنطقة من اللقاحات، ونحن نسعى جاهدين للعمل مع اللجان والمنظمات الإنسانية والأممية، من أجل الضغط على النظام وفتح المعابر الإنسانية للمدنيين والأطفال.
الكثير من آبار الحولة يصعب تشغيلها بسبب انقطاع الكهرباء شبه الدائم لذا لجأ الناس لضخ المياه عن طريق الديزل، الذي تجاوز سعر الليتر الواحد 1200 ليرة سورية، مما دفع الأهالي للاعتماد على الصهاريج لتأمين احتياجاتهم من المياه، وأيضاً بأسعار مرتفعةٍ جداً يصعب على الكثير من المحاصرين دفعها، حيث وصل سعر المتر الواحد من المياه لـ 1500 ليرة، وهي أيضاً معرضة للتلوث بشكل كبير.
أما عن عملية نقل المياه للمنازل فهنا تكمن معاناة أخرى باتت من اختصاص الأطفال في هذه المناطق، فلا نراهم طوال اليوم إلا ذاهبين وعائدين تحمل أناملهم الصغيرة ما تستطيع حمله من المياه لتنقلها من مكان البئر إلى المنزل في عملية يومية متكررة.


سعي لمحاولة احتواء الأزمة
تسعى الجهات المدنيّة في مدينة الحولة لاحتواء هذه الأزمة والتخفيف عن الناس قدر المستطاع، وقد قام مجلس محافظة حمص الحرة بالتعاون مع مجلس مدينة الحولة الثوري بإعادة تأهيل 4 آبار كانت متوقفة عن العمل ضمن البرنامج الإقليمي السوري في حملة “لأجلكم” ويتم العمل اليوم على دعم مصاريف تشغيلية لهذه الآبار وتقديم المحروقات والديزل لها بالمجان في محاولة لاحتواء هذه الأزمة، ولكن يبقى موضوع تلوث المياه الأكثر خطراً طالما لا يوجد معقمات ومواد وقائية توضع له.
أقسى أنواع الحصار تعاني منها مدينة الحولة متجسدة بالتجويع وصعوبة العيش والقصف المستمر، الذي يستهدف منازل المدنيين وأراضيهم، تارةً تجدهم يبحثون عن لقمة عيشهم ومياههم وتارةً تجدهم بين قتيل وجريح بسبب قصف النظام والطيران الروسي مرتكبين المجازر التي كان آخرها خلال الأيام الماضية في تصعيد عنيف أودى بحياة 50 قتيلا وعدد من الجرحى في مجزيتين متتاليتين.

