” حالمٌ بالحرية ” هكذا عبّر “محمد” عن آماله و أحلامه، خلال الاجتماع الصباحي مع الأصدقاء أمام محله للحلاقة، ” كنا نحلم بالحرية يا أصحاب، يردعنا رادع الخوف والرهبة من سوط الجلاد وأجهزته الأمنية، لكن ومع بداية ثورة الشعب والربيع العربي، اختلف الأمر كثيراً، بتنا نتذوق الحريةَ و نشعر بها، شعورٌ لا يوصف، وفرحةٌ لا تغمر “.
يسألهُ جارهُ البقال أبو ياسر : لكن ماذا جاءنا من تلك الحرية؟ ألم ترى ماذا يجري وجرى مسبقاً مع الشعب من قتلٍ وتشردٍ واعتقال؟؟
لا تنظر إلى الأشياء من خارجها و من منظور خارجي يا صديقي، الحرية أسمى و أعلا من أن تقاس بالنتائج، هم حاربونا لأجلها، ونحن قاومنا وحاربنا من أجلها، لكن يكفينا أننا نلنا شيئاً منها، وأننا لم نعد نرضخ لأي طاغوتٍ كان، وأننا لن نهابَ أحداً بعد اليوم، وسنظل نقول لا للظالمينَ والمتسلطينَ والبغاة، ولو لم نحصل عليها إلى اليوم لكننا سنحارب ونقاوم ونصبر حتى ننالها”.
هكذا أنهى محمد الحديث، صارخا وبصوته الحاد الخشن، إننا لن نندم لحظةً على خروجنا في تلك الثورة، وأننا سنظل صامدين حتى نموتَ فرداً فرداً، أو حتى النصر المبين الذي تفرح به القلوب وتقرُ به الأبصار والحريةُ ليستَ كما يفهمها الغالبيةُ أنها حريةُ الكلام والأفعال، أو حريةُ انتقاد الحاكم، فللحريةِ مفاهيمُ واسعةٌ، فحريةُ الصحافةِ التي تلعب دورَ الرقيبِ على أداءِ أجهزة الدولة والمسؤولين بها وحريةُ التعبيرِ التي تجعل للمواطنِ صوتاً وللمظلوم منبرا، وحريةُ العمل التي تسمح للفرد العمل بمشاريعه الخاصة دون مراقبةٍ وسد الطرق بوجهه.
على جميع الصعد والمفاهيم، تبقى الحريةُ أسلوباً ووسيلةً للنهوضِ بالدولة ومؤسساتها، والارتقاء بالإنسان وقيمه واحترام حقوقه والدفاع عنها.
بقلم : إبراهيم الخطيب