المركز الصحفي السوري – ماهر الحاج أحمد 2014/12/10
عبر هذه الفترة الزمنية التي لا توصف بالقصيرة من عمر الأزمة السورية التي لاقى فيها الشعب السوري الويلات ، لم يبق جانب من جوانب حياة الشعب السوري، إلا تأثر بما يجري بدرجات مختلفة ، وقد تكون العملية التعليمية واحدة من بين أكثر التأثيرات على هذا الشعب ، إذ تفيد إحصائيات أعلنتها وزارة التربية أن عدد المدارس المتضررة في سورية من الأحداث الدائرة قد بلغ 2072 مدرسة، موزعة على أغلبية المحافظات السورية، وقد بات أكثر من 200 مدرسة خارج إطار الخدمة التعليمية ، وأغلب هذه المدارس موزعة في إدلب وحمص ودرعا وحماة، إضافة إلى استخدام الناس المشردين عن منازلهم ل 824 مدرسة كمراكز إيواء.
ومن الجدير بالذكر أن إجمالي عدد المدارس السورية يبلغ نحو 22500 مدرسة، بقدرة استيعابية لخمسة ملايين تلميذ على الأقل ، فإنه يمكننا الاستنتاج أن ما نسبته 30% من تلامذة سورية تعرضوا لخلل في العملية التعليمية، التي باتت شبه مفقودة ، وتبقى الأرقام الدقيقة للمتضررين مجهولة.
هذا الأمر الذي انعكس سلبا على حياة الطفل والشاب السوري في الحصول على هذا الحق البسيط من التعليم ، إلى أن بات معظم الطلاب منقطعين عن التعليم ، لاجئين إلى مجالات حياتية أخرى لا تغني عن تأخرهم دقيقة واحدة في تحصيلهم العلمي ، فبات للجهل في معظم المناطق مرتع واسع ضاربا أنيابه في عقول أبنائنا اللذين لا يقدرون مخاطرة الحالية ، ولكن الزمن كفيل بأن يكشف عن هول التقصير بهذه المسألة ، حيث لجأ معظم الشباب إلى ترك دراستهم والاتجاه لحمل السلاح والانخراط بركب هذه الثورة ، أو اللجوء إلى العمل في أي مكان لعدم القدرة على إكمال التعليم ، إلى أن باتت الأمية التي فاخرت سورية في العقود الأخيرة بالتخلص منها بشكل شبه نهائي تعود لتدق الباب بشكل أقوى وأفظع .
ومن الجدير بالذكر التطرق لموضوع سيرورة التعليم في المناطق الآمنة وانقطاعه في المناطق المتوترة ، مما دفع القائمين على هذ الأمر إلى العمل بنظام الدوام النصفي لاستيعاب الضغط الحاصل ، التي تتوزع على المحافظات كما يلي: 11 مدرسة في دمشق، ومدرستان في حماة، و20 مدرسة في درعا، و6 مدارس في القنيطرة، و18 مدرسة في الرقة، و98 مدرسة في إدلب، و10 مدارس في اللاذقية. وترافق هذا الأمر ببعض الثغرات، منها النقص في مقاعد الدراسة والنقص في الكتب المدرسية الخاصة بجميع المراحل الصفية.
وخلق هذا الأمر فائضاً في معلمي الأماكن الآمنة، يقابله نقص كبير في أعداد المعلمين في المناطق الساخنة، وهو ما سينعكس سلباً على العملية التعليمية هناك بالنسبة إلى التلاميذ الذين لم تسمح لهم ظروف أهاليهم بالانتقال إلى مناطق أكثر أمناً. ورغم الكلام الرسمي عن تمكين التلاميذ من العودة إلى مدارس تلك المناطق، وتعويضهم ما فاتهم من برامج دراسية، لمواكبة باقي تلاميذ المدارس، التي لم يتوقف فيها التعليم، فإن هناك شكاً حقيقياً في إمكان تنفيذ مثل هذا الأمر.
وتزداد الصورة قتامة مع الأخذ بالحسبان الأضرار البشرية، المتمثلة بتعرض عشرات العاملين في مجال التربية للقتل والخطف والتشويه، وكذلك تعرّض عدد كبير من التلاميذ والمعلمين للإرهاب والترهيب لمنع صيرورة العملية التعليمية.
وما ذكر أعلاه يستوجب إطلاق ناقوس الخطر، فالأمية التي كانت سورية تفتخر بأنها قد قلصتها إلى الحد الأدنى، سوف تُطلّ برأسها من جديد، إما على شكل أمية حقيقية نتيجة خروج أعداد كبيرة من تلاميذ المرحلتين الابتدائية والإعدادية بسبب حالات العوز المتزايد الذي تعانيه أسرهم نتيجة الأوضاع الحالية، أو على شكل أمية مقنعة تتمثل في تخريج تلامذة أو ترفيعهم دون أن يكون لديهم الحد الأدنى المطلوب من المعارف، بسبب التردي الذي سيحصل في عملية التعليم.