ضاقت الحال بالشعب السوري بعد الثورة السورية ، وحصار النظام لأكثر المناطق، مما اضطر الة.شعب للتغاضي عن عدة مصادر تلبي حاجته بسبب غلائها واستبدالها بمصدر أقل تكلفة وبجودة أفضل .
عُرِفت الألبسة الأوربية “البالة” منذ مئات السنوات ، عندما بدأت الدول الفقيرة –دول العالم الثالث- باستيراد البالة ولاتزال الدول وشعوبها تعتمد في لباسها طوال العام على الألبسة المستعملة حيث تقوم هذه الدول الفقيرة باستيرادها من الدول الأوربية وأميركا وألمانيا وإنكلترا وهولندا ودول أخرى .
قد لجأت بعض دول الجوار إلى تشريع استيراد البالة عن طريق إصدار تشريعات تسمح بذلك، بينما بقيت القوانين السورية –الصادرة عن وزارة الاقتصاد- لا تشرع استيراد البالة، وعلى الرغم من أن البالة تدخل إلى سوريا عن طريق المنافذ الحدودية لبنان والأردن ، وبذلك تحرم خزينة الدولة من مئات الدولارات بسبب عدم استيراد البالة بشكل نظامي ، الأمر الذي انعكس على ارتفاع في أسعارها على المواطنين نتيجة أجور النقل المرتفعة وغير ذلك.
بعد قيام الثورة السورية ازداد انتشار محلات بيع الألبسة المستعملة ولم ينحصر بيعها على مراكز المدينة فقط، بل اتسعت لتشمل الأرياف أيضاً , وتجاوز عددها العشرات بل المئات فأينما اتجهت في قرى المحافظة تشاهد محلات لبيع البالة و الألبسة المستعملة المكتظة بالناس نتيجة رخص ثمنها ، مقارنة مع نظيرتها الجديدة في الأسواق التجارية ومحلات “الماركات”، رغم نظرة الازدراء الموجهة سابقاً إلى الألبسة المستعملة من الطبقة الغنية في المجتمع.
حيث يباع المعطف النسائي من نوع جوخ بسعر /2000-3500/ ليرة سورية ، بينما تصل أسعارها إذا كانت جديدة إلى /10-15/ ألف ليرة سورية ، وبهذا تبقى المستعملة مرغوبة أكثر لكونها ألبسة أوربية ذات قماش بطيء التلف.
في إحدى محلات بيع البالة سُئلت سيدة عن سبب شرائها من محلات البالة فأجابت : ” أستطيع أن أشتري عدة قطع بثمن قطعة واحدة من سوق الماركات”.
فبعد اندلاع الحرب في سوريا أصبح لدينا معبراً إضافياً لاستيراد الألبسة الأوربية المستعملة ، فإن قصر الطريق الواصل بين سوريا وتركيا يقلل تكاليف شحن البضائع ، وبالتالي يؤدي إلى انخفاض أسعارها في المناطق المحاذية للحدود التركية السورية من الشمال مثل (حلب، إدلب، ريف اللاذقية).
أبو رامي تاجر ألبسة مستعملة يقول أنه” كان يشحن بضائع إلى ريف اللاذقية فكانت تكاليف شحنها وإدخالها عبر حواجز النظام باهظة جداً ، علماً أن المنطقة الحدودية من ريف اللاذقية خاضعة لسيطرة النظام , فأُجبر أن يغير وجهة عمله إلى إدلب وريفها كونها محررة بالكامل حيث تكون تكاليف النقل أخفض من مناطق النظام” .
والجدير بالذكر أن أوربا قد ساهمت بتخفيف الضغط المادي على الشعب السوري من خلال الألبسة المستعملة ، لكنها ساهمت أيضاً باستمرار نزيف الدم السوري بصمتها المبهم ، على الرغم من أن الشعب السوري هو أحوج للحلول العسكرية على الأرض من الدعم المادي من ألبسة وغيرها.
ظلال سالم