زادت حالات الانتحار في سوريا في الآونة الأخيرة، ولا سيّما في أماكن سيطرة النّظام، تزامنا مع سوء الأوضاع المعيشية؛ الاجتماعية والاقتصادية، التي أدّت إلى زيادة في ارتكاب الجريمة وحالات الانتحار في ظلّ الحرب.
فما وسائل الانتحار التي يلجأ إليها المنتحرون؟
هل تستطيع الفروع الأمنية الحجز على #عقارات_المطلوبين؟؟
تتعدد وسائل الانتحار التي يلجأ إليها المنتحر، وتختلف أحيانا بحسب جنسه؛ إذ تميل النساء إلى وسائل انتحار أقل فتكا من الوسائل التي يلجأ إليها الرجال.
ومن هذه الوسائل؛ الانتحار بتعاطي جرعة زائدة من المخدرات، أو بإطلاق الرصاص، أو عن طريق الغاز، أو بإلقاء النفس في الماء، أو السقوط من مكان مرتفع، أو الشنق، أو تناول جرعات زائدة من الأدوية، أو باستخدام السمّ الكيميائي، أو قطع الوريد أو المعصم، وبعد الحرب ظهرت وسيلة جديدة للانتحار بالحزام الناسف.
الانتحار في مناطق سيطرة النظام:
حالات الانتحار في المناطق التابعة لسيطرة النظام في تزايد مستمر، وقد شهدت هذه المناطق تسجيل 116 حالة انتحار منذ بداية 2020، كان من بينهم 16 قاصرا، بحسب ما أعلنه المدير العام للهيئة العامة للطب الشرعي التابعة للنظام زاهر حجو. ووصل العدد إلى 172 حالة حتى 15 تشرين الثاني 2020 بحسب تصريح لاحق لحجو بحسب عنب بلدي.
تصدرت حلب المركز الأول في ارتفاع حالات الانتحار، بحسب “أورينت نت” بـ 32 حالة، ثمّ ريف دمشق واللاذقية 18 لكل منها، ثم دمشق وحمص 14 لكل منها، ثم حماة 1، ثم السويداء 9، ثم طرطوس 7، ثم درعا 2 حالة، وأخيرا القنيطرة حالة واحدة.
والجدير بالذكر أن عدد المنتحرين من الذكور فاق عدد المنتحرات من الإناث، فكان عدد الذكور 86، وعدد الإناث 30 من البالغين، وأما القاصرين فعددهم 18، من بينهم 11 ذكرا، و7 إناثا.
وبحسب تقرير نشره موقع الجسر، فقد توزعت حالات الانتحار في حلب ما بين أحياء الفرقان والحمدانية وحلب الجديدة، وغالبيتها تعود لأسباب مادية. وكذلك في الأحياء الشرقية كالصّاخور وطريق الباب.
واللافت للنظر هو حالات انتحار الأطفال في دمشق بحسب ما أظهرته بعض مقاطع الفيديو عن طفل رمى نفسه من فوق جسر عالٍ، وطفلة رمت نفسها في النهر بعد تعاطي مادة الشعلة التي انتشرت كثيرا في أوساط الأطفال في دمشق ولا سيّما المشردون منهم.
وأمّا في طرطوس فقد تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لمدرس رياضيات قتل بناته وأطلق النار على زوجته ومن ثم انتحر إثر تعرضه لتهديدات من قبل جماعة موالية لميليشيا أسد.
وقد تعددت وسائل الانتحار في تلك المناطق، وبحسب موقع “ارفع صوتك” فقد بيّنت هيئة الطب الشرعي في مناطق سيطرة النظام في الدراسة التي أقيمت في أيار/ مايو 2020 أن ما يقارب 48% من حالات الانتحار حصلت عن طريق الشنق، و10% حصلت بطلق ناري، في حين أنّ 8% حصلت عن طريق الرمي من مكان مرتفع، و5% عن طريق حالات تسمّم.
ويعد الوضع الاقتصادي المتردي والظروف المعيشية الصعبة في مناطق سيطرة النظام من أهم الأسباب التي تدعو للانتحار؛ بسبب انخفاض الليرة السورية وارتفاع الدولار وسيطرة الشبيحة على الناس، والتحكم في ممتلكاتهم، وتعاطي المخدرات، وعدم إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التي يعاني منها السكان من قبل حكومة الأسد، بحسب ما صرح به مواطنون، والحالات العاطفية أو فقد عزيز بحسب “حجو”.
وأمّا في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية:
ذكرت منظمة (سارا لمناهضة العنف ضد المرأة) العاملة في مناطق سيطرة “قسد” أنّه تم توثيق 16 حالة انتحار، وذكرت أنّ سيدة متزوجة في العقد الثاني من العمر انتحرت في نهاية آذار 2020؛ بسبب خلاف عائلي بينها وبين زوجها، تاركة خلفها طفلة عمرها سنة واحدة.
وإلى جانب الخلاف العائلي والتمسّك بالعادات والتقاليد، فقد عزت بعض المصادر أسباب الانتحار في مناطق “قسد” إلى ظروف الحرب التي تشهدها المنطقة، وما نتج عنها من أوضاع اقتصادية وأمنية من خطف وسبي، وما رافقها من إحباط ويأس لدى كثير من الأفراد رجالا ونساء، فضلا عن العلاقات العاطفية.
فقد أظهر مقطع فيديو أنّ العلاقات الغرامية كانت سببا في انتحار إحدى الفتيات، في حين أظهر مقطع آخر أن سبب الانتحار كان الخوف من الوقوع بالسبي.
وأمّا مناطق الشمال السوري:
بحسب إحصائيات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتّحدة، والصادر في آب أغسطس الماضي، فقد ارتفعت حالات الانتحار في شمال غربي سوريا منذ بداية العام الحالي بنسبة 38%، ما بين الرّبعين الأوّل والثّاني من 2020.
وذكر أحد الناشطين أنّه تمّ توثيق أكثر من 8 حالات انتحار لمواطنين، بينهم نساء، منذ بداية 2020 إلى منتصف العام تقريبا.
وأضاف المصدر أنّ سيدة في العقد الثالث من العمر، نازحة من ريف إدلب الجنوبي انتحرت بتناول حبوب سامة مخلّفة وراءها 3 أطفال.
وقد سُجّلت حالة انتحار لطفل في جرابلس نتيجة انفصال الوالدين بحسب مقطع فيديو نشره موقع أورينت.
وذكر ناشط آخر أنّ 6 أشخاص حاولوا الانتحار في الآونة الأخيرة عبر رمي أنفسهم من أبنية عالية في محافظة إدلب، نجا منهم 5 وتوفي واحد.
وقد تعددت أسباب الانتحار في الشمال السوري، ويعد تردي الوضع الاقتصادي والنفسي من أهمها أيضا، بحسب صحيفة الشرق الأوسط، فضلا عن الظروف المعيشية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها النازحون.
والآن، ما الحلول المقترحة للحدّ من انتشار هذه الظاهرة والقضاء عليها؟
لكلّ مشكلة تواجه المجتمع لابدّ من البحث عن حلول للحدّ منها وللتقليل من خطرها، والانتحار أحد أهم المشاكل التي تنخر في جسده، وتُنْبي عن كارثة مجتمعية خطيرة مستقبلا، ومن هذه الحلول تأسيس مراكز معالجة نفسية مجانية، تستطيع الوصول إلى طبقات المجتمع كافة، للبحث عن الأسباب المؤدية له ومعالجتها، ولاسيّما أنّ الأسباب قد تكون عاطفية تشمل أطياف المجتمع المختلفة، ولا تقتصر فقط على الناحية الاقتصادية.
وكما الحال في مناطق سيطرة النظام فقد زادت أيضا معدلات الانتحار في المناطق المحررة، وعقب تزايد ارتفاع هذه النسبة هناك، عكفت أكثر من 20 منظمة صحيّة في مناطق شمال غرب سوريا، ومن خلال 157 مركزا صحيّا، على الشّروع بتنفيذ برامج دعم نفسي اجتماعي بمشاركة 163 طبيبا، بينهم 4 مختصين بالطبّ النفسي.
ولا ننسى دور تحسين الواقع الأسري للأسر، والعمل على رفع الدخل المادي للفرد، في معالجة هذه الظاهرة.
والسؤال:
هل ستنجح هذه المنظمات وما تقدمه من دعم نفسي في رأب الصدع الذي خلفته الحرب وتبعاتها في نفوس أولئك المنهكين جراء الحرب والنزوح والتهجير؟
أم أن تيّارها سيجرف هذا المجتمع بأطيافه كلّها إلى مصير مجهول يتعدى ظاهرة الانتحار؟
ظلال عبود / المركز الصحفي السوري
عين على الواقع