بقلم احسان امين الرعايا
الإنتخابات الصورية هذه المرة اكثرمن سلسلة الإنتخابات الماضية التي جرت على مدى السنوات الماضية، تضع نظام «ولاية الفقيه» في مأزق . توترات جَديرة بالملاحظة تفوق المسرحيات الإنتخابية السابقة التي نشبت اغلبيتها بعد إقامة الانتخابات . بينما هذه المرة ، يشهد الملالي الحاكمين، موقف سياسي قائق الحرج قبيل إجراء الانتخابات، هذا الوضع هو نتيجة لسلسلة كبيرة من الأحداث في السنوات الأخيرة التي وضعت نظام الملالي في موقف دفاعي وهي : انتفاضات عامي 2009 و2010، كسر أواص الوحدة بين عصبات جناح خامنئي ، الحرب الأهلية في سوريا ، وخروج اكثرالنقاط من تحت سيطرة نظام الأسد في سوريا وكذلك العقوبات الدولية . وكان نتيجة هذا الموقف الدفاعي هوالإقبال على مفاوضات سرية مع أمريكا في عام 2011 وبدء الإستعداد للانسحاب من برنامجه لصنع القنابل النووية ، وفي عام 2012خشية من اندلاع الانتفاضات مرة أخرى ،سلّم خامنئي السلطة التنفيذية الي روحاني . وفي عام 2013 مع سقوط المالكي في العراق، فقد النظام الإيراني سيطرته الكاملة علي البلد . وكما في عام 2014 تراجع النظام عن برنامجه النووي ومن ثم في عام 2016 حقق النظام فشله في إبادة أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في العراق ولم يتمكن من فعل شيئ ضد نقلهم الجماعي والمنظم الي ألبانيا . والآن، يبحث نظام «ولاية الفقيه» عن وسيلة للدفاع عن نفسه ضد التهديد المتزايد الذي يستهدف كيانه مطلقا مسمى « تراكم وتكاثف الأزمات»عليه، وأهمها هي ما لا يقل عن اثنى عشر أزمة خطيرة وهي كما يلي :
1. تفكك السلطة الحاكمة وانقسامها الى مكونات تضعف وتشّل بعضها البعض، وهو ليس مجرد نزاع او صراع على السلطة بين جناح خامنئي وجناح روحاني فحسب، ولكنه مشهد يختصر تفكيك وتلاشي متزايد في جناح خامنئي المهيمن ..
2. الصراع القائم لأيجاد بديل لخلافة خامنئي يعد واحد من عوامل عدم الاستقرار في النظام .
3. إحتدام الإستعداد الإجتماعي للانتفاضة ، وبلوغ مستوى الإحتجاجات والنقمات الشعبية الي ذروتها في عام 2016 بالمقارنة مع عام 2010 وما بعده .
4. تصعيد الصراع بين القوميات المضطهدة أي إخواننا العرب والبلوش والأكراد وسائرالقوميات من ناحية وبين النظام من ناحية أخرى ، مما اضفى عليه طابعا منهض للنظام.
5. نظام «ولاية الفقيه» متورط بشكل عميق في ثلاث حروب خارجية، في العراق واليمن، وخصوصا سوريا ولا سبيل له للخروج من هذا المستنقع.
6. فشل خطة نظام «ولاية الفقيه» العظيمة للتخلص من مجاهدي خلق وإبادتهم ونجاح عملية النقل الجماعي للمجاهدين – من ليبرتي الي ألبانيا – ضامنا تقدم وازدهار البديل الديمقراطي إي «المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية »
7. خسارة النظام الإيراني إحدى ركائزه الأساسية، أي برنامج صنع القنابل الذرية.
8. فشل الإتفاق النووي، وتوقعات من توسع العقوبات الدولية عليه في الفترات المقبلة.
9. فشل حكومة روحاني السياسي والاقتصادي، وفقدانها كفلائها ك «رفسنجاني وطبسي» وهذا يعد أمرا بالغ الأهمية، ويعتبر نهاية عمر تيار الإصلاح والاعتدال الوهمي أيضا التيارالذي كان ولا يزال يلعب دورا هاما في ضمان بقاء النظام الا انه من الآن فصاعدا لن يكون قادرا على لعب هذا الدور.
10. توقف عملية تراكم رأس المال في إيران في ظل المرشد الأعلى ووصوله إلي إدني مستوى له، احد الأسباب الاساسية لذلك هو خروج جزء كبير من رأس المال من إيران وانفاق جزء كبير منه على تكاليف الحرب في سوريا للحفاظ على بشار الأسد .الكساد العميق والحاد، إفلاس النظام المصرفي، نفود خزينة الدولة، عدم الاستقرار المالي.
11. البيئة وشح المياه يشكلان أزمة خطيرة في تفاقم التوترات الاجتماعية والسياسية.
12. الانقسامات الطبقية، مع استفحال مظاهر مثل الجوع وانتشاره بين جزء كبير من السكان البلد ، البطالة تضم عشرة ملايين على الأقل، ووجود ما يقارب 20 مليون من سكان الأحياء الفقيرة .. والذي قد ازداد عدده … في الأونة الأخيرة.
ولاحتواء الوضع الناجم عن الأزمة ، أولا وقبل كل شيء، يحتاج النظام إلى سد الفجوة في السلطة ولهذا الغرض تم ترشيح الملا رئيسي المتورط في قتل ثلاثين ألف سجين سياسي ، لكن ظهور هذا الملا، يعني أن 12 من أهم الأزمات الأنفة الذكرالتي تراكمت هنا ، لا حل لها اطلاقها في نظام «ولاية الفقيه» فحضورحسن روحاني هو بمثابة استمرارللهزائم السابقة وترشح الملا رئيسي يعني سكب المزيد من الزيت على النار، هما ليسا حلان مختلفان بل بوابتان مختلفتان شكليا تؤديان لبيت المرشد الأعلى. انتخابات مزورة، يعني أن هذه انتخابات تفتقر لجميع الشروط والأحكام المعروفة للإنتخابات النزيهة. ما يظهر للعلن هي انتخابات لكنها شكلية لان الحقيقة المتخفية عبرها هي تجسيد لمبدأ تقاسم السلطة وإعادة تشكيل الإصطفاف السياسي للنظام على مستويات عالية من السلطة
. لكن اذا تابعنا الجذورالأعمق للصراع فاننا نلاحظ ان «الولي الفيقه» في حاجة ماسة ليكون نظامه احادي الجناح من الجانب السياسي.
ومن حيث الإنحدار الطبقي هناك تناقض بين رأس النظام القرووسطائي مع البدن البرجوازي اما من الناحية القانونية فهناك تعارض بين مؤسسة الرئاسة مع «ولاية الفقيه » ومن الجانب الإجتماعي فالمجتمع غير راض بشدة ويريد تغيير الديكتاتورية الدينية. اما من وجهة نظر خامنئي فاقصي مطالبه هي أن يصبح ابراهيم رئيسي رئيس الجمهوريه، والحد الادنى حسن روحاني، ولكن تنصيب اي منهما يتوقف على ميزان القوى داخل وخارج النظام يعني الأساس على الاصعدة المحلية والإقليمية والدولية تعين ذلك.