أكدت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا تمسكها بضرورة أن يكون أي حل سياسي للأزمة السورية ضمن إطار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، معتبرة أن هذا القرار يمثل المرجعية الوحيدة التي يمكن أن تقود البلاد نحو انتقال سياسي حقيقي ومستدام
جاء هذا الموقف خلال بيان رسمي أصدرته لجنة العلاقات في الإدارة الذاتية، شددت فيه على أهمية مشاركة جميع القوى الفاعلة على الأرض السورية في العملية السياسية، مع التأكيد على استعدادها لبدء أعمال اللجان الفنية المشتركة فور تحديد الحكومة السورية جدولًا زمنيًا واضحًا لتفعيل هذه العملية
أوضحت الإدارة الذاتية في بيانها أن أي “مقاربة واقعية” لحل الأزمة السورية يجب أن تراعي الالتزام التام بالقرار الأممي 2254 كما أكدت الإدارة الذاتية أن قرار مجلس الأمن 2254 يشكل الأساس الشرعي للحل السياسي في سوريا ويضمن القرار تشكيل هيئة حكم انتقالي، وصياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة وشددت الإدارة على أن أي مسار سياسي خارج هذا الإطار سيكون فاقدًا للشرعية، ولن يؤدي إلا إلى إطالة أمد الأزمة
إشراك القوى المحلية الفاعلة
دعت الإدارة إلى إشراك كافة المكونات السورية، بما في ذلك الكرد والعرب والسريان، والدروز وغيرهم، في المفاوضات المقبلة
اعتبرت أن تهميش أي طرف فاعل على الأرض سيفشل أي تسوية مستقبلية
وأشارت إلى أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية يجب أن تكونا جزءًا من أي اتفاق نهائي يخص مستقبل البلاد
اللجان الفنية المشتركة
أبدت الإدارة الذاتية استعدادها لتشكيل لجان فنية متخصصة لمناقشة القضايا الأمنية والإدارية والاقتصادية العالقة بين شمال شرق سوريا والحكومة المركزية في دمشق
وأكدت أن انطلاق عمل هذه اللجان مرتبط بالتزام دمشق بتحديد توقيت واضح وجاد لتفعيل هذه الآلية، معتبرة ذلك مؤشرًا على جدية الحكومة في المضي نحو حل شامل
وقف العمليات العسكرية
شدد البيان على ضرورة وقف جميع العمليات العسكرية والتهديدات المتبادلة، وتهيئة بيئة آمنة لعودة النازحين واللاجئين وحذرت الإدارة من أن استمرار العنف سيقوض أي جهود سياسية جارية
صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 في كانون الأول 2015، ويضع خريطة طريق للحل السياسي في سوريا، أبرز ملامحها :
وقف إطلاق النار على مستوى البلاد
تشكيل هيئة حكم انتقالي بمشاركة الحكومة والمعارضة
صياغة دستور جديد يضمن الحقوق والحريات لجميع السوريين
تنظيم انتخابات برعاية الأمم المتحدة خلال 18 شهرًا
ورغم مرور عشر سنوات على صدور القرار، لا يزال تطبيقه يواجه عراقيل سياسية وأمنية، نتيجة تباين المواقف بين الأطراف المحلية والدولية
لم يصدر موقف رسمي واضح من الحكومة السورية حتى الآن، إلا أن مصادر مقربة من النظام أكدت أن دمشق ترى في الإدارة الذاتية جزءًا من النسيج الوطني السوري، لكنها ترفض أي ترتيبات تمس سيادة الدولة ووحدتها
بعض قوى المعارضة رحبت بموقف الإدارة الذاتية، معتبرة أنه يتقاطع مع مطالبها السابقة المتعلقة بتطبيق القرار 2254، في حين حذرت أطراف أخرى من استغلال هذا الموقف لتكريس تقسيم الأمر الواقع
الأمم المتحدة رحبت بالإشارات الإيجابية من شمال شرق سوريا، ودعت جميع الأطراف إلى اغتنام الفرصة لإحياء المسار السياسي المتعثر
محاولة لكسر الجمود السياسي
يأتي موقف الإدارة الذاتية في وقت يشهد فيه المسار السياسي جمودًا واضحًا، خصوصًا بعد توقف أعمال اللجنة الدستورية السورية منذ عدة أشهر
البيان يعكس رغبة شمال شرق سوريا في لعب دور أكبر في صياغة مستقبل البلاد
رسالة إلى دمشق والمجتمع الدولي
من خلال التأكيد على الاستعداد لتشكيل لجان فنية، تحاول الإدارة الذاتية إظهار مرونتها السياسية، لكنها في الوقت نفسه تضع شروطًا واضحة تضمن حقوق مناطقها
كما تسعى لإقناع القوى الدولية، وخاصة الولايات المتحدة وروسيا، بأهمية مشاركتها في أي تسوية
تأثير على خريطة التحالفات
التمسك بالقرار 2254 يعزز موقع الإدارة الذاتية في المفاوضات المقبلة، وقد يفتح الباب أمام تفاهمات جديدة مع قوى المعارضة وحتى بعض المكونات داخل النظام
يمثل موقف الإدارة الذاتية الأخير خطوة سياسية مهمة نحو إحياء المسار السياسي السوري وفق قرار مجلس الأمن 2254،
ورغم العقبات الكبيرة التي تعترض طريق الحل، فإن إبداء الاستعداد لبدء أعمال اللجان الفنية المشتركة قد يشكل مؤشرًا إيجابيًا على إمكانية بناء الثقة بين دمشق وشمال شرق سوريا، ويمهد الطريق لمحادثات أوسع تشمل جميع الأطراف السورية
ويبقى التحدي الأكبر في مدى جدية الحكومة السورية والمجتمع الدولي في تفعيل هذا المسار وتحويل الأقوال إلى أفعال