علقت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية على الأزمة العالمية للنازحين قسراً بسبب الصراع أو الاضطهاد قائلة: إن حوالي 50 مليون شخص على مستوى العالم نزحوا إما داخل بلدانهم أو إلى دول أخرى، البعض منهم كالفلسطينيين عاشوا كلاجئين لأجيال والبعض الآخر كالسوريين أو الأوكرانيين يهربون من الصراعات الحديثة أما الروهينجا في ميانمار فإنهم يفرون من الاضطهاد الممنهج ضدهم.
وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها التي حملت عنوان «الأصوات الضائعة للاجئين في العالم» أنه أيا ما كانت الدولة التي يهربون منها فإنهم يتحولون إلى مشكلة فور نزوحهم سواء بالنسبة لمنظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أو وكالة الأمم المتحدة للإغاثة والتشغيل أو البلدان التي يتم اللجوء إليها، حيث يعتبر النازحون عبئاً غير مرغوب فيه ويثيرون الاستياء. نادرا ما يسمع صوت اللاجئين في المؤتمرات والمناقشات الدبلوماسية التي تتناول أوضاعهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن العالم يحتفل باليوم العالمي للاجئين الذي يوافق 20 يونيو من كل عام، ومن المتوقع أن تصدر المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقريرا جديدا سوف يتحدث عن النمو العالمي المروع في عدد من اللاجئين، حيث تعيش غالبيتهم في البلدان النامية غير القادرة على تقديم الدعم لهم. ومع الأسف فإن المد البشري يتحرك من حدود العالم الثالث، مثل قوارب الأفارقة الذين يحاولون عبور البحر المتوسط إلى أوروبا أو السوريين الذين يحاولون عبور الحدود من تركيا المشبعة باللاجئين إلى اليونان أو بلغاريا، ووقتها فقط تبدأ الدول الغنية في البحث عن حلول وعلاجات.
واعتبرت نيويورك تايمز الأميركية المناقشات في أوروبا حول تحديد حصص من اللاجئين في جميع أنحاء القارة أو حول مكافحة مهربي البشر عديمي الضمير تساهم بالحد الأدنى من رفع الوعي بتلك القضية وتداعياتها الكبيرة على القارة الأوروبية. ولكن طوفان المهاجرين يساعد على تغذية الأحزاب الهامشية المعادية للأجانب، مما يجعل جميع السياسيين يحذرون من فتح أبواب بلدانهم أمام اللاجئين. وامتدت هذه السياسة إلى مناطق أبعد مثل أستراليا، حيث أغلق رئيس الوزراء الأسترالي توني أبوت أبواب بلده تقريباً أمام اللاجئين القادمين في قوارب، حيث يتم تحويلهم إلى بلدان مثل كمبوديا أو بابوا غينيا الجديدة متذرعا بأن السماح بدخول اللاجئين إلى أستراليا سوف يشجع المزيد من اللاجئين على المجازفة بالقيام بتلك الرحلة الخطرة مع المهربين.
وذهبت الصحيفة في افتتاحيتها إلى القول: إن الولايات المتحدة الأميركية التي اشتهرت من قبل بأنها تفتح أبوابها أمام الجماهير التواقة إلى الحرية، ولكنها لم تقبل سوى أقل من ألف لاجئ سوري من حوالي أربعة ملايين فروا من البلاد منذ عام 2011. واجهت وزارة الخارجية الأميركية معارضة كبيرة عرقلت جهودها الرامية إلى رفع هذا العدد من المشرعين الذين يدعون أن السماح بقبول المزيد من اللاجئين سيكون بمثابة تغذية للجهادية الإسلامية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بات يتعين على الولايات المتحدة الأميركية وغيرها من الدول المتقدمة منح مساحة أكبر للاجئين وتوزيع العبء بشكل منصف، ومن الواضح أيضا أن المفوضية العليا للاجئين وغيرها من الوكالات التي تتعامل مع الملايين من اللاجئين يجب أن تحصل على التمويل الكافي. لكن هذه التحسينات وحدها لن تحل المشكلة، مثلما لن تنتهي الأزمة ببناء الأسوار العالية، فطالما بقي الصراع والاضطهاد، سوف يستمر الناس في المخاطرة للوصول إلى الشواطئ الأكثر أمنا.
وختمت نيويورك تايمز الافتتاحية بالقول: إن تحرك الحكومات لا يجب أن ينتظر حوادث غرق جماعي في خليج البنغال أو البحر المتوسط، حيث يجب أن تتوقع الدول المتقدمة استمرار موجات النازحين على المدى الطويل، وتبدأ في البحث عن طرق منظمة لمساعدتهم على الصمود في وجه الاضطرابات في أوطانهم، أو إذا كان ذلك ضرورياً، مساعدتهم على الاستقرار في الأراضي الجديدة، بنفس الطريقة التي استفاد منها الآباء والأجداد في الولايات المتحدة الأميركية.
صحيفة العرب