ربما أنه لا خلاف على أن هذا البلد, المملكة الأردنية الهاشمية, يحرص على أن تكون الدول العربية المحاددة والمجاورة له مستقرة وهادئة وبدون أيِّ إشكالات أمنية ولا خضات سياسية وبالطبع أن تكون حدوده المشتركة مع هذا الدول مفتوحة على الخير والتنقُّل الميسَّر للمواطنين (الأشقاء) ومغلقة أمام كل ما يعكر الأمن ويخبث النفوس ويشكل خطراً في الاتجاهين وسواء كان هذا الخطر أمنياً أمْ تهريباً للمخدرات وللمواد التي تهدد الشباب والأجيال الصاعدة .
والحديث هنا مقصود به الجارة الشمالية, الشقيقة العزيزة, سوريا التي هي الأقرب جغرافيا وتداخلاً سكانياً على صعيد القبائل والعشائر وحتى ” العائلات” الصغيرة, إلى هذا البلد وأهله والمعروف أن الجزء الشمالي من المملكة الأردنية الهاشمية يعتبر امتدادا لحوران وحوران تعتبر امتداداً له وأن العادات والتقاليد واحدة وإن دمشق هي أقرب العواصم العربية لهم باستثناء القدس الشريف التي كانت عاصمة الأردن الثانية ذات يوم قريب والتي نصرُّ الآن كدولة وكشعب على أنها عاصمة الدولة الفلسطينية المنشودة .
ولهذا فإن الأردن, المملكة الأردنية الهاشمية, الدولة والشعب لم يكن يتمنى بل وأوجع قلبه وقلوب الأردنيين كلهم أن يحدث في هذه الدولة الشقيقة العزيزة ما حدث وهنا فإن المفترض أنه معروف أن القيادة الأردنية قد بادرت لدى انفجار تلك الأحداث المؤلمة في درعا في آذار (مارس) عام 2011 إلى بذل جهود مضنية حقاً وفعلاً والمساعدة بـ ” النصائح” وبالاستعداد لبذل ما يمكن بذله للسيطرة على ما جرى ومنع ألسنة النيران التي اندلعت بالقرب من حدود الأردن من الانتقال إلى المناطق التي انتقلت إليها في كل أنحاء هذا البلد العزيز .
لقد رفض أصحاب القرار في هذه الدولة الشقيقة الاستماع إلى النصائح الأردنية التي وصلت إليهم فور انفجار أحداث درعا الآنفة الذكر والتي جاء فيها أنَّ عليهم أن يتحاشوا استخدام العنف لمعالجة ما جرى وأن عليهم ألَّا يعزلوا أنفسهم عن شعبهم وألَّا يبتعدوا عنه لكن وللأسف الشديد فإن هذه النصائح قد ذهبت أدراج الرياح بل وقد ” سمعنا” أنهم واجهوها بـ ” المسْخرة” و” الاستهزاء” !!
لكن ومع ذلك ورغم أننا بقينا نسمع كلاماً لا يجوز أن يقال فإن الجهود الأردنية لم تتوقف وهي بقيت متواصلة حتى الآن.. حتى هذه اللحظة لإطفاء النيران التي باتت تحرق كل هذا البلد الشقيق: ” القطر العربي” السوري ثم وفوق هذا فإن الأردن قد فتح حدوده أمام الأشقاء الذين اضطروا للهروب بأطفالهم وأرواحهم من كل هذه المصائب والويلات وأن الأردنيين فتحوا أبواب منازلهم لأشقائهم وبدون أي ” مِنَّةٍ” لأن هذا هو واجب الشقيق على شقيقه .
والمشكلة التي واجهتنا والتي لا تزال تواجهنا أن الذين شرَّعوا أبواب سوريا: ” القطر العربي السوري” لكل متدخلٍّ من دول بعيدة وقريبة وأمام هذه الشراذم الطائفية المتورمة بداء المذهبية قد ردَوا على كل هذا الذي فعلناه وهو واجب قومي وواجب الشقيق على شقيقه والجار على جاره بعَضِّ اليد الأردنية التي امتدت إليهم وباستمرار ” التحرش” بهذا البلد والإصرار على نقل مشاكلهم وإشكالاتهم إلى حدوده .
لقد نقلت وسائل الإعلام عن البريطاني غاريث بايلي, المكلف بمتابعة شؤون سوريا, تصريحات عما جرى في اليومين الأخيرين في مدينة: ” الشيخ مسكين” المتاخمة للحدود الأردنية جاء فيها: ” جاء تقدم قوات النظام في هذه المدينة بعد غارات جوية مكثفة للطيران الروسي الذي قام بأكثر من خمسين غارة.. مما سبب دماراً هائلاً فيها.. وبالطبع فإن هذا كان بمشاركة ميليشيات حزب الله اللبناني وضباط إيرانيين ومقاتلي عشرات التنظيمات المذهبية المستوردة من العراق وإيران وباكستان وأفغانستان.. ومن كل حدب وصوب وكل هذا مع أن المفترض أن يكون هناك حرصٌ كحرص الأردن على هدوء الحدود الأردنية – السورية .
الرأي الأردني