القدس- أ ف ب- فجّر وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعالون قنبلة بإعلان خروجه من حكومة بنيامين نتانياهو، ومن العمل السياسي، معرباً علناً عن قلّة ثقته برئيس الوزراء، وذلك على خلفية التوتر حول العودة المحتملة لمسؤول من اليمين المتطرف إلى الحكومة.
وكتب يعالون على حسابه على موقع “تويتر” الجمعة “قلت لرئيس الوزراء صباحاً إنه نظراً إلى سلوكه خلال الأحداث الأخيرة، وعدم ثقتي به، فإنني أستقيل من الحكومة، ومن الكنيست، وأبتعد عن الحياة السياسية”، وذلك بعدما عرض نتانياهو حقيبة الدفاع على القومي المتطرف افيغدور ليبرمان.
وتشكّل الاستقالة صفعة قوية، من شخصية تحظى بالتقدير في إسرائيل، إذ إن يعالون رئيس سابق لهيئة الأركان، وكان يتولى وزارة الدفاع، التي تعتبر في غاية الأهمية في هذا البلد.
وفي وقت لاحق، حمل يعالون أمام صحافيين على السياسيين الذين تحرّكهم “شهوة السلطة”، وتتحكم بهم “الاستحقاقات الانتخابية واستطلاعات الرأي”، بدلاً من القيم الأخلاقية. وكان واضحاً أنه يتحدث عن نتانياهو وليبرمان.
وتشهد إسرائيل بلبلة على الساحة السياسية منذ عرض نتينياهو الأربعاء حقيبة الدفاع على ليبرمان. كما ورد أنه سيعرض على يعالون حقيبة الخارجية.
ويفسر عدد كبير من المعلّقين قرار نتانياهو اقتراح حقيبة الدفاع على ليبرمان بأنه مناورة تهدف إما إلى معاقبة يعالون، أو إلى استبعاد منافس محتمل في “حزب الليكود”.
فاشية
أما رئيس الوزراء، ووزير الدفاع العمالي ايهود باراك السابق فذهب أبعد من ذلك في انتقاداته.
وقال في تصريحات نقلها موقع القناة الثانية الخاصة إن “حكومة إسرائيل أصابتها لوثة تصاعد الفاشية”.
ومنذ فوزه في الانتخابات التشريعية في آذار/مارس 2015، لم يخف نتانياهو رغبته في توسيع التحالف الذي أتاح تشكيل حكومته الرابعة، إذ إن الغالبية التي يحظى بها في البرلمان تقتصر على صوت واحد، الأمر الذي يبقيه تحت رحمة شركائه في الائتلاف.
وكان نتانياهو مؤخراً على خلاف مع يعالون حول مواضيع عدة، خصوصاً في ما يتعلق بتأييد يعالون إعطاء حرية للضباط الإسرائيليين الكبار “في التعبير عن رأيهم”.
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في تصريحات في أعقاب استقالة يعالون، “أتأسف لقرار الوزير موشي يعالون. أعتقد أنه كان ينبغي عليه أن يواصل دوره كشريك كامل في قيادة الدولة في منصب وزير الخارجية”.
ويتولى نتانياهو بنفسه حالياً حقيبة الخارجية، التي كان سيعرضها على ما يبدو على يعالون بغية التمكّن من إسناد وزارة الدفاع إلى ليبرمان.
وتابع نتنياهو في التصريحات، التي وردت في بيان وزع على وسائل الإعلام، “إن التعديل الوزاري لم ينجم عن عدم الثقة بيننا، بل من ضرورة توسيع رقعة الائتلاف الحكومي من أجل تحقيق الاستقرار السياسي لدولة إسرائيل في ضوء التحديات الكبيرة التي تواجهها”.
ويقول معلقون إن عودة ليبرمان الشعبوي المكروه من الفلسطينيين، والذي أدلى بتصريحات معادية للعرب، ستجعل الحكومة الحالية الأكثر يمينية في تاريخ البلاد.
ويواصل نتانياهو مشاوراته الجمعة من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي على التعديل الحكومي.
وسيكون لنتانياهو، بعد انضمام ليبرمان ونواب حزبه إلى الغالبية، 66 نائباً، من أصل 120 هم أعضاء الكنيست.
وإذا تم تعيين ليبرمان وزيراً للدفاع، سيكون مسؤولاً عن نشاطات الجيش في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويتخوّف المراقبون من تشدّد إزاء الفلسطينيين، بينما المخاوف عالية من حصول تصعيد جديد.
“القبة الحديدية للجيش”
وقبل بضعة أيام فقط، اتهم ليبرمان نتانياهو بعدم الحزم إزاء موجة الهجمات الأخيرة التي ينفذها فلسطينيون، وبعدم مواصلة أعمال البناء في الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية المحتلة منذ العام 1967.
وكتبت صحيفة “هآرتس″ الخميس إن “القيادة العليا للجيش كانت عاملاً ساهم” في التهدئة إزاء العنف المتزايد بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الأشهر الأخيرة، خلال فترة تولي يعالون وزارة الدفاع وهيئة الأركان.
وتابعت الصحيفة اليسارية “من الصعب التكهّن بما سيكون عليه سلوك ليبرمان في الظروف نفسها”.
وكان يعالون يعتبر بمثابة “القبة الحديدية” للجيش إزاء الهجمات التي يشنّها متشددو اليمين، بحسب صحيفة “يديعوت احرونوت”، في تشبيه مع منظومة الدفاع الإسرائيلية المضادة للصواريخ.
ومنذ أسابيع، يبرز جدل حاد يتمحور حول يعالون والجيش، ويتناول القيم ودور المؤسسة العسكرية التي تتمتع بنفوذ قوي في إسرائيل. ويدعم يعالون مسؤولي الجيش الذين دعوا إلى ضبط النفس ازاء هجمات الفلسطينيين، أو قارنوا بعض ما يحصل في إسرائيل في 2016 بألمانيا النازية.
وشجّع يعالون الضباط في الجيش على التعبير عن رأيهم، حتى لو كان موقفهم يتناقض مع موقف رؤسائهم العسكريين أو القادة السياسيين. وأثارت هذه التصريحات غضب نتانياهو الشديد.
وقال نتانياهو في تصريحاته الجمعة “أصر على أنه يجب إبقاء الجيش خارج السياسة”.
وتابع “إن محاولة إدخال الجيش وقادته إلى الجدل السياسي مرفوضة، وتشكّل خطراً على الديمقراطية. في النظام الديمقراطي الجيش يخضع لأوامر القيادة السياسية وليس العكس″.
وعبّر الرئيس الإسرائيلي رويفن ريفلين، المعروف بعلاقته المتوترة مع نتانياهو، عن “الحزن الشديد” إزاء استقالة يعالون، التي قال إنه “يتفهمها لا بل” يرى “إنها مناسبة” في ظل الظروف الحالية.