مع ساعات الصباح الأولى من اليوم الأحد، بدأ الأتراك بالتوافد على مراكز الاقتراع للمشاركة في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، فازدحمت الشوارع، وتنوعت مظاهر الإقبال.
ورغم عدم توفر الأرقام الرسمية بعد عن حجم المشاركة، إلا أن الإقبال على مراكز الاقتراع كان واضحاً؛ فالحركة التي شهدتها تلك المراكز، والازدحامات المرورية التي شهدتها الشوارع الرئيسية والفرعية لفتت انتباه الجميع.
وخلال جولة للأناضول على عدد من مراكز الاقتراع في إسطنبول، تم رصد الحركة الكثيفة للمواطنين الأتراك والازدحام المروري، بخلاف أيام الآحاد المعتادة.
واختتم الناخبون الأتراك، عند الساعة الخامسة مساء (14:00 بتوقيت غرينتش) التصويت في الاستفتاء الشعبي على مشروع التعديلات الدستورية الذي تقدم به حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، ويتضمن الانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي.
كما توجه الأتراك إلى صناديق الاقتراع، بأساليب غير تقليدية، لابسين تارة أزياء تراثية وتارة أخرى لباس أعمالهم الخاصة، أما إعاقة البعض الجسدية فلم تمنعهم من الحضور أيضاً لممارسة حقهم الديمقراطي، فأتى بعضهم على كراسيهم المتحركة، وآخرون بمساعدة أبنائهم.
ولم يمنع كبر السن، المسنّة التركية “فاطمة مجوهر”، من الإدلاء بصوتها، على الرغم من صعوبة كلامها وحركتها، لكنها أبَت إلا تلبية نداء الوطن والأمة، حسب ما قالت.
كما ساعدت الطواقم الطبية التابعة لوزارة الصحة التركية المواطنين من المرضى وكبار السن الراغبين بالمشاركة في استفتاء التعديلات الدستورية الذي انطلق صباح اليوم الأحد.
وحسب مراسلي الأناضول، قامت الطواقم الطبية في عدد من الولايات التركية وبواسطة سيارات الإسعاف، بنقل عدد من الناخبين غير القادرين على التوجه إلى مراكز الاقتراع؛ للإدلاء بأصواتهم.
فيما بدأ العروسان التركيان، رحيم، وبشرى بيرجان، حياتهما الزوجية بالتصويت لخيارين مختلفين في الاستفتاء على التعديلات الدستورية؛ حيث يأتي تباين ترجيحات الزوجين كـ”صورة جليّة على تركيا الديمقراطية”، حسب تصريحاتهما للأناضول.
وفي 21 يناير/كانون الثاني الماضي، أقر البرلمان التركي مشروع التعديلات الدستورية، الذي تقدم به حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، ويتضمن الانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي.
كما تشمل التعديلات المقترحة زيادة عدد نواب البرلمان من 550 إلى 600 نائب، وخفض سن الترشح للانتخابات العامة من 25 إلى 18 عامًا.
ولإقرار التعديلات الدستورية، ينبغي أن يكون عدد المصوتين في الاستفتاء الشعبي بـ”نعم” أكثر من 50% من الأصوات (50+1).
الاستفتاء الدستوري لم يكن حديث الشارع التركي وحسب، بل أشعل مواقع التواصل الاجتماعي منذ أيام، وبلغت ذروة التفاعل في هذه المواقع اليوم، وخاصة في العالم العربي، في مسعى من المواطنين العرب لإبداء آرائهم بهذا الحدث الهام في تركيا.
وسرد عدد كبير من المغردين والمشاركين التعديلات الدستورية وجوهرها، وسعى آخرون لتوضيح وشرح الدوافع التي دفعت الحزب الحاكم للتعديل الدستوري، فيما عرض آخرون وجهات نظر مختلفة، وكأن الاستفتاء التركي قضية خرجت من إطارها التركي، لتصبح هم المواطنين العرب، وشغلهم الشاغل.
وانتشر هاشتاغ “استفتاء تركيا” بشكل كبير على موقعي “فيسبوك” و”تويتر”، محققاً مراكز متقدمة، من خلال النشر والتغريدات التي توسم به، في إشارة إلى اهتمام عربي بالاستفتاء.
الصحفي السوري عدنان الضاهر، كتب على صفحته: “لا أحد ينكر أن الانتخابات في تركيا تجري بشفافية ونزاهة، اتركوا الأتراك يحددوا مستقبل بلادهم، أعتقد أنهم أدرى بمصلحة وطنهم أكثر من الإسلاميين والعلمانيين العرب، هو استفتاء ديمقراطي في نهاية المطاف”.
كما قال الأكاديمي والسياسي الموريتاني محمد مختار الشنقيطي في تغريدة له: “يوم مصيري في تركيا، عسى أن ينتهي بها إلى الانتقال إلى النظام الرئاسي، الذي يضمن لها القوة والصلابة ضد الاختراق الخارجي والتآمر الخارجي”.
من ناحيته، قال الأكاديمي الفلسطيني نزار الحرباوي: “الاستفتاء في تركيا اليوم له دلالات كبيرة على تركيا؛ لذلك يقبل الأتراك بكثافة على صناديق الاقتراع من الصباح الباكر، لكن الذي يفهمه المواطن العادي على أنه تغيير، يرتب له الساسة الأتراك ليكون مستقبلا مختلفا تماما لتركيا جديدة، تركيا ستحسم مواقف متعددة في علاقاتها الدولية وسياساتها الخارجية”.
كما شملت مواقع التواصل الاجتماعي العديد من استطلاعات الرأي والاستبيانات، حظيت بمشاركات كبيرة من قبل الموطنين العرب، حسب ما رصده مراسل الأناضول.
ومنذ تأسيس الجمهورية، شهدت تركيا 6 استفتاءات على التعديلات الدستورية، كانت نتيجة 5 منها إيجابية (في الأعوام 1961 و1982 و1987 و2007 و2010)، بينما انتهت إحداها بنتيجة سلبية (في العام 1988).
المصدر:وكالة الأناضول