قــــــراءة فــــي الصحــــف
نشرت صحيفة “التايمز” البريطانية مقالاً لكاتب “ديفيد أرونوفيتش” بعنوان، “مهما بدت روسيا قوية.. تذكروا أنها ضعيفة
بدأ المقال بالمجزرة التي ارتكبها الطيران الروسي في مدرسة الأطفال في إدلب، بينما تدخل حاملة الطائرات الروسية آدميرال كوزنيزوف إلى الشرق الأوسط لتساعد “بقصف المزيد من البلدات السورية”.
وفي الوقت نفسه، استعرضت روسيا صواريخها البالستية الجديدة العابرة للقارات “RS-28 Sarmat”، التي يمكن أن تطمس منطقة “بحجم تكساس أو فرنسا”.
واعتبر الكاتب أن هذا ليس مرتبطا بالدفع نفسه، بل “بالتظاهر الرجولي للحرب”، بحسب قوله، مستشهدا بخبير الأسلحة النووية إيجور سوتياجين، في معهد الخدمات المتحدة الملكي، الذي قال إن روسيا تريد أن تخبر العالم “إننا قوة عظمى، ونحن مخيفون، وإياكم أن تتجاهلوني”.
وتساءل الكاتب: “كم تعتبر نفسك قويا لو أنك بريطاني هذه الأيام؟ هل تعتبر نفسك مواطنا في دولة تريد التدخل في الشرق الأوسط، وترسل حاملات الطيران حول العالم لتبني جيلا جديد من الدبابات؟”، داعيا للتفكير بأن الدخل القومي الروسي يساوي نصف قيمة البريطاني، وأقل من الكوري الجنوبي، وعشر الأمريكي والاتحاد الأوروبي.
ورغم ذلك، فإن الروس لا زالوا ينفقون المزيد على الدفاع، فخلال الأعوام الجيدة لأسعار النفط ضاعفت روسيا إنفاقها العسكري، كما أن القطاع العسكري بقي القطاع الوحيد الذي لم تأثر مع تراجع أسعار النفط، بل استمر بالارتفاع، وسط ادعاءات من بوتين بأن هذا “سيدفع بقية الصناعات الأخرى: الهندسية والكيميائية والتقنية والاتصالات”.
ورغم أن الحكومة الروسية كانت تستطيع التحرك بالكثير من المخزونات في قطاع الطاقة، إلا أن هذا ينهار الآن، بحسب الكاتب البريطاني، مما يتسبب بمعاناة المجالات الأخرى، مثل الصحة، حيث تضطر الحوامل الروسيات للانتظار ستة أسابيع لإجراء مسح صوتي وفحوص دم.
واختتم الكاتب بقوله إنه لا يدعو للمواجهة، موضحا أن “الموقف الروسي أضعف مما يبدو عليه والموقف الغربي أفضل بكثير”، بحد تعبيره.
بدورها قالت صحيفة “الإيكونومست”، “تواجه روسيا على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي مصاعب حادة. الشيخوخة تتسع وتهيمن على السكان الذين سيتناقصون بنسبة 10 ٪ في عام 2050”.
فقد سقطت محاولات تحديث الدولة واقتصادها بعد المكاسب التي جنتها نتيجة لارتفاع قيمة السلع المنتجة.
تابعت الصحيفة، عوضاً عن ذلك جلس بوتين فوق حكومة متضخمة، فحصة روسيا من الناتج الوطني الذي مصدره الانفاق العام ومؤسسات الدولة ازداد من 35 ٪ الى 70 ٪. في الوقت الذي بلغ فيه النمو الاقتصادي السنوي 7 ٪ والذي رافق بدايات مرحلة سلطة بوتين، بينما الاقتصاد الروسي اليوم في حالة انكماش، ويرجع ذلك بشكل رئيسي الى العقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل الغرب وكذلك الى مستوى الفساد وهبوط أسعار النفط. ان الكرملين هو الذي يقرر من الذي يمكن ان يصبح غنياً ويبقى غنياً في البلاد.
لقد ألقي القبض على (فلاديمير يوفتيشينكوف)، أحد أقطاب ملوك المال، ووضع رهن الاعتقال لمدة 3 أشهر عام 2014 ثم بعد خروجه قام بالتخلي شركته المنتجة للنفط.
ثم لجأ بوتين من أجل مواجهة الوضع الداخلي الضعيف والقابل للانهيار الى تصدير العدوان نحو الخارج. اذ بعد الاحتجاجات الواسعة التي اعقبت تزييف الانتخابات في 2011-12 أظهرت الطبقة الوسطى المتمكنة في المدن انها تتطلع الى دولة عصرية، وفي وقت كانت أسعار النفط ما زالت مرتفعة وتساعد بوتين على شراء الدعم لنفسه.
اختتمت الصحيفة، اليوم ينشر بوتين سلطته عن طريق شنّ حروب خارجية مع استخدام كل أساليب الدعاية لتحريض وتغذية المشاعر القومية، كما يمتلكه القلق من تقديم أي فسحة للآراء الغربية خشية من ان تصيب النظام السياسي في روسيا الذي لا يحتمل مثل هذه المخاطرة، أي قيام وجود مؤسسات تعزز ازدهار روسيا، كإرساء نظام يخضع للقانون، ووجود صحافة واعلام حر، وترسيخ المؤسسات الديمقراطية وحرية المنافسة، لأن هذه الاجراءات تشكل بمجملها تهديدا مباشراً على وجود دولة بوتين المتعفنة.
المركز الصحفي السوري _صحف