حسناً صنعت رابطة الكتاب السوريين، ممثلةً برئيسها صادق جلال العظم، في مخاطبة الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب، حبيب الصايغ، قبل أيام، برسالةٍ تطلب نزع شرعية تمثيل اتحاد الكتاب العرب (في سورية) الكتاب والأدباء السوريين في الاتحاد العام، لأسبابٍ غير قليلة، أوضحتها الرسالة الموفقة، والتي يرى صاحب هذه السطور أنها جاءت متأخرة، وأنه كان الأدعى أن يتم الإلحاح المتواصل من أجل هذا الأمر، منذ تم إشهار الرابطة في القاهرة في سبتمبر/ أيلول 2012، وهي التي جاء تشكيلها، وانتخاب رئيسها وأعضاء هيئتها القيادية، استجابة لحاجة الكتاب والأدباء السوريين، في بلدهم وخارجه، إلى كيانٍ أهلي مدني ديمقراطي، متّسق مع حالة الثورة التي نهض بها الشعب السوري، تطلعاً للتحرّر من نظام الاستبداد في دمشق.
ومع أنه ليس مؤكداً نجاح الرابطة في تحقيق مطلبها المحقّ هذا، وفي نبذ الاتحاد القائم في سورية من عضوية الاتحاد العام، إلا أن المحاولة طيّبة، خصوصاً وأن الشاعر الصايغ أعلن أن هذا المطلب، وكذا رد ذلك الاتحاد الملتحق بأجهزة السلطة الآفلة في دمشق عليه، سيُعرضان في اجتماع المكتب الدائم للاتحاد العام، في يونيو/ حزيران الجاري في دبي، (بدلاً من دمشق كما تقرر في اجتماع المؤتمر العام في أبوظبي، قبل شهور!)، ما يعني أن مسألة التسليم بأهلية الاتحاد الذي يترأسه نضال الصالح في تمثيل كتاب سورية وأدبائها صارت موضع فحصٍ ونقاش، مع أن الأصل أن تكون محسومةً تماماً، بالنظر إلى ممارسات الاتحاد المذكور، ونطقه باسم نظام غاز السارين، والدفاع المستميت عن جرائم هذا النظام، واستهدافه الشعب المنتفض، والشعب النازح واللاجئ من البطش والقمع.
ومع تثمين خطوة رابطة الكتاب السوريين، في محاولتها المهمّة، ومع التنويه إلى أنها لم تكن تحتاج أن يُصدر نضال الصالح بيانه إيّاه في التهجّم على الأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، لإصدارها بياناً يتعاطف، مجرد تعاطف، مع الضحايا المدنيين في حلب، إلا أن في وسع الرابطة مواصلة ضغط إعلاميٍّ لمناصرتها، في موقفٍ ثقافي عريض، ولو من خارج الاتحاد العام، المعلوم أنه مختطفٌ من قوى الثورات المضادّة في العالم العربي، والذي تتنوّع فيه تشكيلات قُطرية منحازة لنظام بشار الأسد، وعمياء عن مباذله وممارساته.
ومع الأخذ في الاعتبار أن الاتحاد العام ليس مؤسسةً تحظى بتقدير عموم المثقفين العرب، ولا تحوز انتباهاً إلى نشاطاته ومؤتمراته، إلا أن للمسألة هنا، على صعيد الملف السوري، أهمية خاصة، لأن تظهير التواطؤ المكشوف الذي يزاوله الاتحاد السوري، برئاسة نضال الصالح (كما أسلافه) مع النظام في دمشق وأجهزته، علناً ومن دون أي ذرة من خجل، صار مطلوباً وبإلحاح. ومع أن حاله هو هذا منذ عقود، إلا أن الكيل طفح، وصرنا في حالٍ غير الحال المعهود، لا سيما وأن هذا الاتحاد يريد مصادرة تعاطفٍ محدود وعام وعائم مع المنكوبين السوريين في حلب، جرّاء استهدافهم في جريمة التهديم التي لا يُريد أن يتوقف عن ارتكابها نظام الأسد، وحلفاؤه الروس والإيرانيون والملتحقون بهما. ولا سيما أيضاً وأن الاتحاد المتحدّث عنه يُمارس تخويناً معلناً لكل من يعارض هذا النظام، في ممارسةٍ تحريضيةٍ مرذولة.
أصابت رسالة أستاذنا الدكتور صادق جلال العظم إلى الشاعر الإماراتي حبيب الصايغ، كلٌّ من موقعيهما، في تأشيرها إلى صدقيّة تمثيل رابطة الكتاب السوريين جسماً عريضاً من أهل الكتابة والإبداع والفكر السوريين، في الشتات وفي الداخل، في انتخاباتٍ تمّت بكيفيةٍ ديمقراطيةٍ، في أجواء وظروف صعبة، غير أن الرابطة تواصل نضالها الثقافي الديمقراطي، منحازةً إلى شعبها، وإنْ مع تقصيرها على الصعيد الإعلامي، الأمر الذي يحتاج إلى تنشيطٍ ضروري. أما ما أوردته الرسالة من دواعٍ وجيهةٍ لنزع شرعية اتحاد نضال الصالح، فجاءت موفقة، ولا تحتاج إلى ثناءٍ كثير، فهي أقرب إلى البديهيات، وإنْ يتعامى عنها ناشطون في الاتحاد العام، يمالئون نظام دمشق، تحت يافطات المزاعم إيّاها عن نصرة المقاومة والممانعة… ولذلك، رسالة هذه المقالة إلى الأصدقاء في الرابطة هي أن معركتهم غير هيّنة، ويحسن مواصلتها بجلدٍ ودأبٍ كثيريْن.
العربي الجديد