في تقرير لموقع (المدن) السوري المعارض أمس الثلاثاء 19 تشرين الثاني (نوفمبر) فإن مصنع “سايبا” الإيراني للسيارات في حمص كان قد شهد فترات طويلة من توقف، وعلى وقع الزيارات الإيرانية المُغلّفة بالبعد السياسي والعسكري إلى سوريا، قبل أيام، مرّرت طهران رسالة اقتصادية، تشي بأن علاقة طهران-دمشق ليست على ما يرام، وتكشف جليًّا أحدث فصول مناورات نظام الأسد، لإبعاد طهران عن القطاعات السيادية السورية، وحصرها في أخرى، وبالتالي منع ترسيخ وجودها الاستراتيجي.
وتلك الرسالة الإيرانية جاءت على لسان الأمين العام لغرفة التجارة المشتركة الإيرانية- السورية، سعيد عارف، وفحواها بأن الحكومة الإيرانية قررت إغلاق مصنع سيارات “سايبا”، في المنطقة الصناعية في حسياء بحمص، كاشفًا عن وجود مصانع أنشأنها إيران في سوريا، إلا أنها لم تعمل حتى الآن. وعلّل الإغلاق بوجود “مشاكلات لم تُحل بين البلدين”.
وبحسب موقع (المدن) تعود فكرة مصنع “سايبا” إلى العام 2004، على عهد الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي. وأبصر المشروع النور في نهاية العام 2007، بتشغيل خط إنتاج سيارات “برايد” ضمن شركة حملت اسم “سيڤيكو”. وجرى ذلك حينها ضمن حفل رسمي حضره رئيس النظام السوري بشار الأسد، بينما حضر وزير الإسكان الإيراني في ذلك الوقت، محمد سعيدي كيا، من جانب إيران، وآنذاك، قُسّمت أسهم الشركة بواقع 80% لشركة “سايبا”، و20% للحكومة السورية، مع قدرة إنتاجية تستهدف إنتاج 15 ألف سيارة سنوياً، و10 سيارات في اليوم الواحد.
وبحسب تقرير (المدن) فقد شكّل انخراط إيران إلى جانب النظام السوري في الحرب ضد معارضيه، ربطاً وثيقاً للعلاقة الاقتصادية، بالعلاقة العسكرية-السياسية، ذلك أن المليارات التي دفعتها طهران للدفاع عن نظام الأسد، ليست هبات، إنما ديون تريد تحصيلها عبر مشروعات اقتصادية في سوريا، حسبما أكد سابقاً، النائب السابق في لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بیشه.
وبحسب (المدن) يمكن القول إن العلاقة الاقتصادية تُعد مؤشرًا لقوة العلاقة السياسية بين الجانبين. وتحدثت عدة تقارير عن سوء العلاقة السياسية بين دمشق وطهران، رغم نفي الأخيرة، بالتزامن مع ما يجري لبنان وغزة. ويقرأ كثيرون بزيارة كبير مستشاري المرشد على خامنئي، علي لاريجاني، ووزير الدفاع عزيز نصير زاده، إلى دمشق، انعكاسًا لذلك.
ويرى مدير البرنامج السوري في “مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية” كرم شعار، في حديث لـ”المدن”، أن إغلاق المصنع هو عكس صورة كبرى لسياسة الأسد بإبعاد إيران عن المشاريع السيادية السورية، وتأجيل تقديم التنازلات لذلك قدر الإمكان، مثلما فعل بعدم منحها استثمار ميناء اللاذقية، وكذلك ينسحب الحال على مراوحة مشروع “وفا تيليكوم”. ويوضح أن طهران تريد من تلك المشاريع ترسيخ وجودها الاستراتيجي في سوريا.
من جانبه، يؤكد الباحث في الاقتصاد السياسي والمحليات في مركز “عمران” للدراسات أيمن الدسوقي، أن الاستثمارات الإيرانية تواجه تعقيدات كبيرة، ترتبط بحالة الاقتصاد السوري المتدهورة، وبالبيروقراطية والفساد والمحسوبيات وغياب الأمن، وكذلك المنافسة من نخب النظام الاقتصادية.
ويقول الدسوقي لـ”المدن”، إن النظام السوري كان يمنح إيران امتيازات تتعلق بالموارد الطبيعية ومشاريع كبرى اقتصادية، ثم يتراجع عنها تحت حجج عدة ليمنحها لأطراف أخرى، كنوع من الضغط عليها، مرجحًا أن الأسد لا ينوي توجيه ضربات للمشاريع الإيرانية لدفعها للخروج من سوريا كليًّا، إنما يريد حصر إيران بقطاعات دون أخرى.