لقد تسبب الصراع السوري، الممتد لأكثر من عقد ونصف، في واحدة من أكبر أزمات النزوح وأطولها أمدًا في التاريخ الحديث. فر ملايين السوريين من ديارهم هربًا من أهوال الحرب والعنف العشوائي والاضطهاد الممنهج، بحثًا عن ملاذ آمن في الدول المجاورة وخارجها. وتحمّلت تركيا، على وجه الخصوص، مسؤولية كبيرة، بل وربما غير متناسبة، إذ استضافت أكبر عدد من اللاجئين السوريين في العالم. وقد أثقل هذا التدفق كاهل الموارد التركية، وأثّر على التماسك الاجتماعي، وأعاد تشكيل التركيبة السكانية للبلاد.
في حين كان التركيز في البداية، كما هو مفهوم، على تقديم المساعدة الإنسانية العاجلة – المأوى والغذاء والرعاية الطبية – إلا أن طول أمد الأزمة استلزم التحول نحو تكامل ودعم طويل الأمد. إلا أن التحولات السياسية الجذرية في سوريا، وتحديدًا سقوط نظام الأسد في كانون الأول (ديسمبر) 2024، غيّرت الخطاب بشكل جذري، مما دفع مسألة العودة الشائكة إلى الواجهة.
رغم انهيار النظام، لايزال الوضع في سوريا هشًا للغاية. لاتزال الصراعات المحلية مستمرة، تغذيها الفصائل المتنافسة والتوترات الطائفية المستمرة. ولا تزال المخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان واسعة النطاق، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والتعذيب والقتل خارج نطاق القضاء، بالغة الأهمية. البنية التحتية الاقتصادية للبلاد في حالة دمار، مع تفشي البطالة، والتضخم الجامح، وانهيار الخدمات الأساسية. علاوة على ذلك، أدى تدمير المساكن والمدارس والمستشفيات إلى جعل العديد من المناطق غير صالحة للسكن، مما يشكل عقبة كأداء أمام العائدين المحتملين.
أصبحت قضية اللاجئين السوريين موضوعًا محوريًا ومُسيّسًا للغاية في السياسة الداخلية التركية. ومع تزايد الضغوط الاقتصادية وتنامي المخاوف المجتمعية، أصبح وجود ملايين اللاجئين محور جدل سياسي حاد. وقد استغلت جهات سياسية مختلفة المشاعر المعادية للاجئين، مما خلق مناخًا من عدم اليقين والخوف لدى الجاليات السورية في تركيا. وقد زاد هذا التسييس من تعقيد قضية العودة المعقدة أصلًا، مما جعلها موضوعًا حساسًا ومثيرًا للجدل.
يتناول هذا التقرير قضية العودة إلى سوريا، وهي قضية معقدة وحساسة، استنادًا إلى رؤى مستقاة من سلسلة من مناقشات المجموعات البؤرية المنظمة بعناية مع لاجئين سوريين مقيمين في مناطق مختلفة من تركيا. تُقدم هذه المناقشات، التي أُجريت في كانون الأول (ديسمبر) 2024 وكانون الثاني (يناير) 2025، بعد سقوط نظام الأسد، فهمًا دقيقًا وشخصيًا عميقًا لآمال اللاجئين السوريين ومخاوفهم وتحدياتهم المتعددة الأوجه وهم يفكرون في إمكانية العودة إلى ديارهم.
عن موقع Multeci der بتصرف 18 نيسان (أبريل) 2025.