أوضاع مأساوية يعيشها السوريون أينما وطأت أقدامهم، حيث باتت قصة معاناتهم حديث الساعة من خلال تصريحات ومؤتمرات ولقاءات لكبار المسؤولين في العالم، لكنها للأسف دون جدوى أو فائدة تذكر وجميع الحلول المقترحة تبقى حبرا على ورق بما فيها هدنة وقف إطلاق النار والتي ينتهي سريانها خلال يومين إلا أن النظام السوري لم يكترث بها وواصل خروقاته المتعمدة عبر قصفه للمناطق المحررة موقعا العديد من الشهداء والجرحى في صفوف المدنيين.
موجة نزوح شديدة تشهدها أرياف ادلب وحلب شمال سوريا، نتيجة المعارك الدائرة فيها ما دفع العديد من الأهالي لترك منازلهم والتوجه نحو الحدود التركية علهم يجدون ملاذا آمنا ينسيهم آلامهم وأوجاعهم في أوطانهم، إلا أن الحكومة التركية قامت بإغلاق حدودها في وجههم نظرا لأعدادهم الكبيرة وعدم قدرتها على استيعاب المزيد منهم، فكانت المخيمات الحدودية الحل الوحيد لإيوائهم.
رغم إغلاق الحكومة التركية لحدودها مع سورية والتشديد الأمني المكثف فيها عبر انتشار عناصر الجندرمة على طول الحدود، إلا أن كثيرا من السوريين حاولوا العبور عن طريق التهريب مما عرض حياتهم للخطر حيث وثقت حالات عدة لمقتل وإصابة بعضهم برصاص قناصي الجندرمة، ليصبح دخول تركيا أمرا شبه مستحيل رغم المحاولات المتكررة .
ولعل تلك الإجراءات الأمنية عبر ضبط الحدود تتمثل بازدياد الأعباء الملقاة على تركيا، كونها الملجأ الوحيد أمام السوريين بعد أن تقطعت بهم السبل في بلدهم، حيث وصل عدد السوريين فيها لما يقارب المليونين و700 ألف لاجئ بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
لم تتوقف معاناة السوريين عند تركيا، بل أضحت مخيماتهم المنتشرة في أروقة الطرقات على الحدود المقدونية ـ اليونانية تحكي مآسيهم، فقد فروا من معاناة الحرب ليجدوا غيرها بانتظارهم، فلازالوا قابعين ينتظرون قرارا بفتح الحدود، أم عبادة من مدينة ادلب تقول:” حاولنا اجتياز الحدود والدخول إلى مقدونيا مرارا إلا أنها محاولات فاشلة، عشرة أيام ونحن عالقون هنا وطفلاي الصغيران يبكيان يريدان العودة لمنزلنا، وأنا وزوجي في حيرة من أمرنا لانعلم هل نبقى؟ أم نعود أدراجنا ويذهب تعبنا هباء بعد المسافة التي قطعناها؟ “.
تخوفات كثيرة تراود السوريون العالقون عند حدود مقدونيا، بعد الاتفاق التركي الأوروبي في قمة بروكسل الاثنين الماضي في 7 من مارس، والذي ينص على تبادل اللاجئين، حيث يتم إعادة جميع اللاجئين الواصلين إلى اليونان بطريقة غير شرعية إلى تركيا، وبالمقابل يتعهد الاتحاد الأوروبي بقبول طالب لجوء سوري على أراضيه مقابل كل لاجئ يعاد إلى تركيا.
تسبب هذا القرار باستياء السوريين فجميعهم دخلوا اليونان بطرق غير شرعية، بعد أن أنفقوا مدخراتهم في رحلتهم المحفوفة بالمخاطر عبر عبور بحر إيجة، فواقعهم المرير يعكس خيبات آمالهم، في ظل مصير مجهول يخيم على مستقبلهم، فهل ستكون القرارات في الأيام القادمة منصفة في حقهم؟ أم سيكون حضن الوطن ملاذهم رغم الحرب.
المركز الصحفي السوري ـ سماح خالد