عرفته منذ سلمية ثورتتا.. رجلاً ثائراً يحمل نزق الشباب وحماسه.. يتقدم المظاهرات تلتفّ حوله بناته المتلحفات بعلم الثورة..
أبو ماجد كرمان رجل ستيني متعلم مثقف يحمل فكرا متحضرا واعيا، أب لأربع بنات ثائرات، وولد واحد قدمه شهيداً لهذه الثورة العظيمة.
كان مرجع الثوار في مدينة حلب وعرّابهم، ينصحهم ويوجههم ولا يتردد في إبداء رأيه وتقديم المشورة لهم في كل خطوة يخطونها، سواء أكان ذلك أيام الثورة السلمية، أم بعد التسليح وتحرير المناطق الشرقية من مدينة حلب.
إلى أن سيطرة جبهة النصرة على عدة أحياء من حلب، وبدأت بتضييق الخناق على ثوارها وناشطيها، لكن أبا ماجد الثائر الغيور الذي وقف في وجه بشار ونظامه، لن يثنيه خوفه من بطش النصرة أو غيرها، عن متابعة نضاله بالوقوف في وجه الظلم والتطرف.
لم يعجب خفافيش الظلام نقاء أبي ماجد وطهر نواياه، والتفاف الثوار حوله، ليقوموا باختطافه وتغييبه، دون أي خبر عنه حتى هذه اللحظة.
تقول زوجته أم ماجد، تلك المرأة الصبورة القوية، في ذكرى اختطافه 7 تشرين الثاني/ نوفمبر، عام 2015، “ست سنوات من الحسرة والقهر والصبر والأمل أنه يكون لسى عايش.. خطفوه خفافيش الظلام وخطفوا قلبي معه.. لانه كان أبو ماجد شوكة بحلقهم وشبح عم يطارد نواياهم الخبيثة، غيبوه ليقدرو بعدها يلوثو ثورتنا ويسودوها بلون قلوبهم السودة اللي مابتعرف الرحمة”.
تكمل أم ماجد بصوتٍ قويٍّ، وعيون ملؤها الثقة والعزيمة، “أنا عايشة ع أمل رجعة أبو ماجد وانتصار ثورتنا.. لانه أبو ماجد ثورة.. والثورة أبو ماجد.. مرّ ع ثورتنا سواد كتير ولسى عم يمر.. بالنهاية لايصح إلا الصحيح.. وثورتنا منتصرة”
قدّم أبو ماجد ولده الوحيد قرباناً لثورة الكرامة، وقبله صهره زوج ابنته، كلاهما سقطا شهيدين في معارك الدفاع عن مدينة حلب ضد نظام القمع والاستبداد، شيعهما بجبينٍ شامخ، وقلبٍ راضٍ بقضاء الله وقدره، وعقيدة مؤمنة بأن تحقيق النصر لايكون إلا ببذل الغالي والنفيس.
بقي منزل أبي ماجد موطئا للثوار حتى بعد اختطافه.. أكملت أم ماجد الزوجة المخلصة والثائرة العتيدة، والمعلمة المربية، ما بدأته مع زوجها.. حتى بعد تهجيرها من مدينتها.
بمثل هؤلاء الأبطال تستمر ثورتنا، وستنتصر مادام فينا أمثال أبي ماجد وزوجته، الثنائي العظيم الذي يفخر بهما كل ثائر من أبناء حلب وأبطالها.
قصة خبرية/ إيمان هاشم
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع