كما هو حالها أينما وجدت في هذه الأيام، تشهد الحلويات السورية رواجاً كبيراً في أسواق مدن الجنوب التركي، ولئن بدا الإقبال عليها من قبل السوريين أمراً طبيعياً في شهر الصوم والعيد، فإن اللافت أن يقبل الأتراك عليها، رغم عراقة الحلويات التركية وشهرتها.
وخلال جولة على بعض محال الحلويات السورية في جنوبي تركيا قبيل حلول عيد الفطر، رصدت “صدى الشام” عدة أسباب تفسر المرحلة التي وصلتها الحلويات السورية من المنافسة في سوق تركي رائد ويتمتع بسمعة عالمية.
التنوع
في حديثه عن أسباب هذه الظاهرة، يقول علي الخليل، بائع الحلويات السورية في مدينة كيليس، إن “الصفتين الأبرز اللتين تميزان الحلويات السورية عن التركية، هما التنوع وقلة استخدام القطر، وبشكل خاص فيما يتعلق بالكنافة وملحلقاتها”، ويضيف أنه على الرغم من عراقة صناعة الحلويات التركية وقدمها، إلا أن أصنافها محدودة جداً، وهي مقتصرة على البقلاوة والكنافة بالعموم.
ويتابع الخليل” أما الحلويات السورية فتحتوي على أصناف عديدة، مثل المبرومة والبلورية وسوار الست والكول وشكور، وأنواع أخرى شعبية مثل حلاوة الجبن والمدلوقة، وبالإضافة لتنوع الحلويات السورية فإن لها مظهراً جميلاً أيضاً”.
وأضاف، “ما يميّز الحلويات السورية عن التركية كذلك قلة حلاوتها”، واستدرك بلهجة محلية “حلوياتنا محلاة بشكل أصولي، بخلاف التركية التي يسيل القطر منها”.
على الرغم من عراقة صناعة الحلويات التركية وقدمها، إلا أن أصنافها محدودة إذا ما تمت مقارنتها بنظيرتها السوريّة.
فروق إضافية
وفضلاً عن الأسباب السابقة، يشير بائع حلويات آخر، إلى مساهمة رخص الحلويات السورية في جذب الزبون التركي.
ويوضح البائع أن سعر الكيلو من الحلويات المطعمة بالسمن العربي والغنية بالمكسرات يصل لـ 50 ليرة تركية، بينما يصل سعر كيلو الحلويات الشعبية إلى 15 ليرة تركية فقط.
وبحسب البائع فإن أسعار الحويات السورية رخيصة جداً، ويضيف “بالرغم من تحملنا للتكلفة المضاعفة من إيجارات وما شابه إلا أن التاجر السوري يفضل أن يبيع كميات كبيرة بأسعار متهاودة، على أن يبيع القليل بأرباح عالية كما يفعل الأتراك”.
البائع السوري يفضّل أن يبيع كميات كبيرة من الحلويات بأسعار منخفضة، على أن يبيع القليل بأرباح عالية، وعلى هذا الأساس راح الأتراك يتجهون لشراء المنتَج السوري الأرخص.
المذاق الطيب
يرى محمد بركات، وهو صاحب محل حلويات في مدينة كيلس، أن ما يميّز الحلويات السورية عن التركية هو “المذاق الطيب”، الذي اكتسبته الحلويات السورية من خلال إضافة مكونات جديدة، غير معروفة لدى الأتراك.
ويبيّن، على سبيل المثال يعتمد الأتراك لدى صناعتهم للحلويات على الحشوات المكونة من المكسرات والجبن الحلوم فقط، بينما نحن نضيف “اللبة، والمنكهات مثل ماء الزهر وغيرها”.
ويتابع بركات “عدا عن كل ذلك هناك اللمسة الخاصة بنا التي تضفي على منتجاتنا نكهة خاصة، وهذه اللمسة نتاج لغنى المطبخ السوري وشهرته”.
ما جذب الأتراك للحلويات السورية هو النكهة الخاصة التي جاءت نتيجة إضافة مكونات جديدة، غير معروفة لديهم، وهذه اللمسة المميزة تعبّر عن غنى المطبخ السوري وشهرته.
المعجنات
مع أن هناك تماثلاً نسبياً في الشكل إلا أن المعجنات السورية تختلف عن التركية في طريقة التحضير، ويظهر هذا الاختلاف جلياً في طريقة تحضير المعروك الذي يعتبر تقليداً رمضانياً لا يستطيع السوري التخلي عنه.
يشرح عادل، الذي يعمل في محل لبيع المعجنات السورية بمدينة كيلس، الاختلاف في طريقة تصنيع المعروك السوري فيقول: “نضيف القليل من السكر لعجينة المعروك، بينما يصنع الأتراك المعروك بإضافة الملح عوضاً عن السكر”.
ويضيف، “بعد تذوق الأتراك للمعروك السوري، زاد إقبالهم عليه بنسبة كبيرة، ونتيجة لذلك صار الأتراك ينتجون المعروك على الطريقة السورية، حرصاً منهم على عدم خسارة زبائنهم”.
ويستدرك “لكن يبقى المعروك السوري أطيب، وخصوصاً الذي يحتوي على الحشوات المختلفة، مثل التمور، والجبن، والشوكولا، والزبيب، وغيرها من النكهات الأخرى”.
حجم الإقبال التركي
عند التنقل بين محال الحلويات السورية في تركيا، يمكن ملاحظة حرص أصحابها على التعامل مع الزبون التركي، وذلك من خلال وجود عامل واحد متقن للغة التركية على أقل تقدير.
يقول البائع محمد بركات “نعتمد بشكل رئيس في تصريف الحلويات على الزبون السوري، لكن في الوقت ذاته فإن التعامل مع الزبون التركي يهمنا كثيراً، لأننا بالنهاية نعمل في بلدهم، والأتراك يتمتعون بقوة شرائية أكبر من السوريين”.
ويضيف “غالبية الزبائن الأتراك يشترون الحلويات بكميات قليلة، ولا يشترون بالكيلو، لكن هناك قلة منهم يشترون بكميات كبيرة جداً، وخصوصاً في شهر رمضان، لأنهم يشترونها بقصد التوزيع على المحتاجين”.
بالمقابل يؤكد علي الخليل، أن إقبال الزبائن الأتراك على شراء الحلويات من محله، لا يختلف عن إقبال الزبائن السوريين، مضيفاً “تكاد تكون النسبة متقاربة، وخصوصاً في فترة الأعياد”.
عربي21