تتفاقم معاناة النازحين يوماً بعد يوم، فلم تقف عند إجبارهم على الخروج من منازلهم خوفاً من ويلات الحرب وحزناً وكمداً على فراق الديار والأحبة وحسب؛ إنما تعددت وازدادت بعد وصولهم إلى مناطق الشمال السوري المحرر.
وقد شهدت أحوالهم ظروفاً مأساوية بسبب الأمطار الغزيرة التي تساقطت في الأيام القليلة الماضية، ما أدى وبحسب ناشطين إلى غرق ما يقارب 150مخيماً، وتضرر ما يقارب1000خيمة، معظمها غرقت بشكل كامل.
دخلت الأمطار إلى معظم الخيام، وألحقت الأذى فيها، وأتلفت المؤن ووسائل المعيشة المختلفة، ناهيك عن انخفاض درجات الحرارة الى ما دون الصفر، ومبيت النازحين في العراء؛ بسبب الأمطار والأوحال التي ملأت منازلهم.
ومع وجود الأطفال يزداد الوضع الإنساني صعوبة؛ بسبب الظروف العامة التي وصفت بالكارثية؛ نتيجة البرد الشديد. فهذه المخيمات لاتستطيع وسائل النقل الوصول إليها لتأمين الخبز بشكل يومي بسبب انقطاع الطرق بالأوحال، ولا حتى نقل المرضى لتلقي العلاج، ما يُجبر القاطنين على حمل مرضاهم إلى أقرب مكان يمكن أن تسير فيها السيارات لإسعافهم، فقد ارتفع منسوب المياه إلى 60سم في أغلب تلك المخيمات المنكوبة.
ويضيف ناشطون أن هذه المأساة ستزداد سوءاً وتفاقماً إذا لم يوجد حل لتلك المعاناة، وفي مقدمتها وأهمها بحسب ما يرى ناشطون عودةُ النازحين إلى قراهم وبلداتهم آمنين، فالبرد يزداد قسوة، ومياه الأمطار تضرراً، خوفاً من سقوط الجدران على ساكنيها، فقد ارتقى صباح اليوم الثلاثاء 19 كانون الثاني/ يناير الطفلُ عبد الرزاق عدنان الحوباسي من بلدة التمانعة جراء سقوط حائط منزله؛ نتيجة الهطولات المطرية في مخيم التمانعة، شمالي بلدة كللي في ريف إدلب الشمالي .
ولم تكن هذه الحالة الأولى من نوعها فكل عام تشهد مناطق الشمال السوري صوراً مأساوية متعددة بأقسى مشاهدها؛ إما بسبب الرياح التي تهوي الجدران بسببها، أو موجات الحرّ في الصيف، أو الأوحال التي باتت تغطي الطرق في جميع المخيمات، وعدم توفر وسائل التدفئة، وتوقف معظم المنظمات عن دعمها لها، إلى تدهور الوضع التعليمي و الطبي أيضاً، وازدياد حالات سوء التغذية والأمراض المتعددة.
تقول الأخت(أم فاطمة)أصيبت ابنتي ذات العشرة أيام بالتهاب قصبات حاد، خضعت نتيجته إلى العلاج الطبي في المشفى لعدة أيام، وهي مهددة بأمراض تنفسية أخرى؛ بسبب وسيلة التدفئة المتوفرة لدي، فلا أملك سوى قطع البلاستيك وبعض الألبسة البالية أشعل بها مدفأتي من أجل أطفالي الأربع؛ لعدم وجود وسائل أخرى. هذا عدا عن عدم قدرة أبيهم عن تأمينها لأنه عاطل عن العمل .
الوقت يمر بسرعة لافتة، ويأخذ منحىً كارثيا فمن المعني؟ هل هم مدراء المخيمات أم المنظمات الإنسانية أم الحكومات؟
الجميع يسأل ولا أحد يجيب والضحايا ينتظرون بارقة أمل على مرأى المجتمع الدولي الذي وقف مكتوف الأيدي حيال هؤلاء الأبرياء.
بقلم: فداء معراتي