حسب كلمة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بمناسبة يوم المرأة العالمي الذي يحتفل به العالم اليوم الثلاثاء، فإنه «لا يوجد هدف أعظم من تحقيق المساواة بين الجنسين». بل اعتبر أنه «ليس من استثمار في مستقبلنا المشترك أعظم من هذا الاستثمار».
وحسب المنظمة الدولية، فإن الأمل مطروح حقا للنساء، لكن في العام 2030. إلا أن هذه المناسبة تطرح أسئلة مشروعة إن كانت الأهداف المعلنة موضوعية حقا أم أنها مجرد أوهام وأمنيات؟
وللإجابة عن هذا السؤال ينبغي إلقاء نظرة موضوعية على الأهداف المعلنة حسب المنظمة، وهي:
ـ ضمان أن يتمتّع جميع البنات والبنين والفتيات والفتيان بتعليم ابتدائي وثانوي مجاني ومنصف وجيّد، مما يؤدي إلى تحقيق نتائج تعليمية ملائمة وفعّالة بحلول عام 2030 ـ ضمان أن تتاح لجميع البنات والبنين فرص الحصول على نوعية جيدة من النماء والرعاية في مرحلة الطفولة المبكرة والتعليم قبل الابتدائي حتى يكونوا جاهزين للتعليم الابتدائي بحلول عام 2030 ـ القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء والفتيات في كل مكان – القضاء على جميع أشكال العنف ضد جميع النساء والفتيات في المجالين العام والخاص، بما في ذلك الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي وغير ذلك من أنواع الاستغلال – القضاء على جميع الممارسات الضارة، من قبيل زواج الأطفال والزواج المبكر والزواج القسري، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث (الختان).
ويشعر المراقب بكثير من التشكك في تحقيق تلك الأهداف، إذا نظر موضوعيا إلى أوضاع أغلبية نساء العالم اليوم بشأن تفاقم المعاناة وجرائم تتراوح بين التحرش الجنسي والختان والمتاجرة بالجسد والسبي(كما يحدث بأيدي منظمة إرهابية في العراق وغيرها)، ناهيك عن الحرمان من التعليم والعمل والعلاج والمساعدات الإنسانية وغيرها.
بل من المؤسف أن قوات تابعة للأمم المتحدة نفسها تورطت مؤخرا في ارتكاب جرائم جنسية ضد البنات في العديد من الدول الأفريقية مقابل الحصول على المساعدات. ولم تنج لاجئات سوريات في بعض البلاد العربية والإسلامية من عمليات الاستغلال الجنسي، أحيانا من خلال ما يسمى»الزواج الشرعي» لاستغلالهن على أيدي رجال يفوقونهن عمرا بنسب كبيرة.
وللأسف الشديد فإن أغلبية البلاد العربية ما زالت تنظر إلى النساء باعتبارهن من «الأقل آدمية وحقوقا» من الرجل، سواء بالنسبة إلى أهمية التعليم او العمل، او التمثيل السياسي وغيره.
ومن الغريب أن العالم الذي يرفع شعارات الدفاع عن نساء العالم في مثل هذا الوقت من كل عام، لا يكاد يذكر كلمة واحدة بشأن ما تعانيه النساء الفلسطينيات من جرائم القتل والاعتقال والضرب والإهانات والجوع على أيدي الاحتلال الإسرائيلي، إذ لا أحد في العالم يتحدث عن الأسيرات اللاتي يرضعن أطفالهن داخل السجون، دون اتهام او محاكمة عادلة.
وعلى الرغم من أن البرلمان المصري الجديد شهد حصول 89 امرأة على مقاعد فيه، وهو تقدم غير مسبوق، إلا أنهن لم يتمكن حتى اليوم من حرية السماح بأجندة حقيقية لتحقيق أهداف المرأة.
وطالبت إحدى الدراسات البحثية في مصر مؤخرا النساء بـ>مزيد من النضال من أجل الحصول على ما كانت تتمتع به نساء الفراعنة من حقوق قبل آلاف السنين». وأشارت إلى «الكثير من الصور التاريخية التي أرخت لمسيرة المرأة المصرية، ودورها في بناء واحدة من أعظم الحضارات الإنسانية، عبر قرابة سبعة آلاف عام من تاريخ الحضارة المصرية القديمة، وكيف تمتعت المرأة في تلك الحضارة بحقوق كاملة، حتى تمكنت من حكم البلاد».
وعلى الرغم من أن النساء الخليجيات أثبتن جدارتهن بل وتفوقهن اللافت في مجالات التعليم والطب والمحاماة وغير ذلك بشهادة العالم بأسره، ما زالت بعض الحكومات هناك لا تسمح لهن بحقوق او ممارسات مساوية للرجل بدءا من قيادة السيارات إلى شغل مناصب عليا مناسبة لمؤهلاتهن.
وللأسف فإن النساء في المغرب ما زلن يعانين من عدم وجود إرادة حقيقية من الحكومة حول تطبيق قرار صدر في عام 2013 لحمايتهن من العنف، ناهيك عن تورط الحكومة في السودان في قمع نساء بدعوى ارتدائهن للبنطال (..)، حسب تقارير لمنظمة العفو الدولية. والقائمة تطول في بلادنا.
واخيرا، فإنه من حق النساء العربيات حقا أن يسألن ضمن «اليوم العالمي للمرأة» اليوم بالقول: بأي حال عدت أيها الثامن من آذار، وأي يوم ستعود بظروف أفضل؟
القدس العربي