لندن ـ «القدس العربي»: شدد موقع مقرب من مراكز صُنع القرار الإيراني على أنه يجب على الإيرانيين أن يزيحوا «ستار التفاؤل» من أمام أنظارهم، لأن إيران تحولت إلى لاعب هامشي في الساحة السورية، وأن أنقرة وموسكو تخرجان طهران من اللعبة تدريجياً.
وكتب موقع «تابناك» التابع لأمين مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني، اللواء محسن رضائي وهو القائد العالم الأسبق للحرس الثوري، أن تطور الأوضاع في سوريا ليس في صالح إيران، وأن توجهات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تتجه إلى أنقرة.
وأضاف أن ما يكمن فهمه حتى الآن هو أن تركيا بدأت تأخذ بيدها دوراً أكبر في المحور الثلاثي (إيران وتركيا وروسيا) تدريجياً، وأن الروس أظهروا أنه ليست لديهم مشكلة مع تحقيق الأهداف التركية في الساحة السورية، وأن الروس يعطون الأولوية لتعاونهم المشترك مع الأتراك تحت ظروف معينة، وأنهم يرحجون ذلك أساساً.
وأكد المقال أن إحدى المخاوف الرئيسية الإيرانية بعد تفعيل المحور الثلاثي هي أن «هل دخول تركيا في هدا المحور يعتبر تهديداً؟ أم ستسطيع إيران من خلال توظيف الدور التركي أن تخلق فرصاً جديدة لنفسها لتحقيق أهدافها في الملف السوري؟».
وأضاف أنه من المؤكد أن تركيا ستغير مسار المعارك الدائرة في سوريا جوهرياً بسبب تأثيرها الكبير على الجاعات المسلحة هناك، ولكن نظراً للتعارض بين مصالح تركيا وإيران وخاصة فيما يتعلق بمصير بشار الأسد، استطاعت روسيا أن تتوسط بين البلدين لوضع صيغة مرضية للطرفين «ولو بشكل مؤقت». وأوضح أنه من أهم التوافقات التي حققها المحور الثلاثي، هو محاربة تنظيم الدولة وتركيز المسلحين وقوات النظام السوري على طرد مقاتلي التنظيم الإرهابي، لأن ذلك يصب في مصلحة سوريا والجميع في المنطقة، وأنه أدى إلى تعزيز فرص بشار الأسد للبقاء في السلطة.
وشدد الموقع المقرب لمجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني على أنه يجب على الإيرانيين أن يزيحوا «ستار التفاؤل» من أمام أنظارهم، لأن إيران تحولت إلى لاعب هامشي في المحور الثلاثي، وأن أنقرة وموسكو تبنتا وضع الترتيبات الأمنية والسياسية في الساحة السورية، وأن طهران أصبحت خارج اللعبة تدريجياً.
واستظهر المقال بما يحدث بشأن ضبط وقف إطلاق النار في سوريا كشاهد على ذلك، وأن روسيا أخرجت إيران من عملية وقف إطلاق النار عملياً.
ومن جانب آخر أشار إلى أن القوة الجوية الروسية أصبحت الداعم الرئيسي لعملية درع الفرات التركية في الأراضي السورية، واعتبر الموقع الإيراني أن ما تفعله القوات التركية والمسلحين الموالون لها هناك لا يقل خطورة عما يفعله تنظيم الدولة.
وأكد أنه إذا واصلت روسيا دعمها الجوي لدرع الفرات، ستحقق أنقرة أهدافها في الشمال السوري قريباً، وأنها ستكون في حالة جيدة جداً هناك، وأن ذلك سيقلب المعادلات في الشمال السوري لصالح تركيا، بينما ما كان يمر بمخيلة أحد أن تدعم سوخوي الروسية توسّع النفوذ التركي في سوريا حتى الأيام القليلة الماضية.
وأدى ضرورة تعاون الأتراك مع الروس إلى غض الطرف عن الحادث الخطير لاغتيال السفير الروسي في أنقرة، ولم يزحزح ذلك التعاون المشترك بين البلدين نظراً لأهميته القصوى للجانبين.
وأضاف أنه مما لا شك فيه، فإن تركيا تشكل ساحة مطمئنة للروس في إطار استراتيجيتهم للتطور من ناحية جنوب البلاد، وأن الحراك الأمني في منطقتي القوقاز وآسيا الوسطى تشكل الهاجس الأكبر لموسكو، وأنه لا نقاش على أن تركيا هي اللاعب المؤثر في تلك المنطقتين، موضحاً أن روسيا تعطي أهمية كبيرة جداً إلى الأحداث جورجيا وجزيرة القرم وأوكرانيا لإبعاد حلف شمال الأطلسي عن أراضيها، وأن تركيا تقع أيضاً في مسير روسيا للوصول إلى هذه المناطق سياساً وأمنياً، فضلاً على أن أنقرة تعتبر ثاني أكبر قوة في حلف الناتو، وإذا لم تواكب أنقرة موسكو، سيسبب الأتراك مشاكل حادة لتحقيق «طموح الروس التوسعية».
ولفت المقال الانتباه إلى أن التعاون الوثيق الروسي التركي أشعل مخاوف الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، وأن ذلك يعتبر تهديداً جدياً وتحذيراً قوياً لقوات التحالف الدولي بزعامة واشنطن التي تشاهد هذا التعاون مباشرة وبشكل يومي، موضحاً أن حلف الناتو والولايات المتحدة لم يرغبا في دعم سياسة تركيا في سوريا بسبب دعمهما للأكراد، لكن التعاون الروسي التركي أصبح معضلة حادة للغرب، ومن شأنه يؤدي ذلك إلى رفع الغرب يده عن دعم الأكراد. وأشار موقع «تابناك» إلى أن هناك حالة أخطر بكثير مما حدث ويحدث الآن، ألا وهي أن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة يدخل على خط دعم تركيا بشكل عملي وواقعي، ما سيرغم ذلك روسيا على أن تعطي امتيازات أكثر للجانب التركي على حساب إيران، وأنه من المرحج أن يحصل سباق بين الغربيين والروس للتعامل مع الأتراك، وسيتفوق الأخيرون بشكل كبير على الإيرانيين على طاولات المفاوضات.
القدس العربي